السبت، 9 يونيو 2012

عبادته وملازمته للقرآن رحمه الله



                                        حلقة جديدة من ذكرياتى مع الوالد رحمه الله تعالى

عبادته وملازمته للقرآن رحمه الله

عندما نتتبع سير وقصص العلماء نجد جانب العبادة وتدبر القرآن يحتل جزءا كبيرا من حياتهم الخاصة والتى ربما تخفى على العامة وذلك لحرصهم على اخفائها عن الناس قدر المستطاع وبدلهم الجهد فى الاخلاص والبعد عن الرياء ولذلك كانت لهم علاقة وثيقة بالمولى عز وجل وترى ايمانهم قويا كالجبال,تهب العواصف والمحن فيزدادون ثباتا وتمسكا.

كان الوالد رحمه الله مداوما على قراءة القرآن منذ أن حفظه وهو طفل صغير بمدينة مصراته وكان يتلوه آناء الليل وأطراف النهار طيلة حياته المباركة فكان يختم القرآن فى أيام حتى أننا تعودنا على ذلك فهو يتلوه وهو يقود السيارة بلاانقطاع الااذا حدثك واذا كان احدنا يقود به السيارة فلايكاد ينقطع عن التلاوة ويشير بيده للاتجاه فقد كان القرآن رفيقه فى الحظر والسفر واذا دخلت عليه غرفته تجده يتلو واذا سافر فهو يتلو واذا قام الليل ولم أعلم انه نسي شيئا من القرآن حتى فاضت روحه الى ربه بعد ٨٢ عاما من التلاوة ليلا ونهارا.

أما عن قيام الليل فتلك العبادة التى لازمها صحيحا ومريضا وأصبحت جزءا من حياته وكان رحمه الله شديد الخفاء فى عبادته ويجتهد ألايراها الناس حتى فى البيت فلم يحدث يوما واحدا أن تحدثّ عن عبادته ولو بالتلميح وكنت أعجب كثيرا من ذلك فقد كنت قريبا من غرفته لسنوات وكنت اجده قائما أوساجدا لأكثر من ساعة حتى أنى اقتربت من غرفته يوما ووجدته ساجدا فى الثلث الأخير من الليل وظل ساجدا حتى ظننت أنه توفى واقتربت منه وكدت ألمس ظهره فقام من سجوده ولم ينتبه لى ,واذا حدث أن قابلته فى طريقى لغرفته وهو يستعد لقيام الليل فترى الضيق على وجهه ويتسائل لماذا انا هناك ويغلق غرفته ويقول نم يابنى ويحاول ان لايظهر انه يقوم الليل فكنت ارقبه احيانا من بعيد.

كان له نظام صارم فى حياته ينام بعد العشاء عند ١١ ليلا تقريبا ويقوم ٣ صباحا فيمارس الرياضة على الدراجة الثابتة لمدة ساعة ويقرأ القرآن ثم يقوم الليل لمدة ساعة أو أكثر وكان يطيل السجود كثيرا ويطيل الركوع ويصلى حتى الفجر وداوم على ذلك حتى مرض ولزم الفراش واستمريقوم الليل حتى وهو طريح الفراش فكان ينام اربع اوخمس ساعات قبل مرضه.

لقد رزقه الله عز وجل بركة فى الحفظ حتى توفى فلم يغب ذهنه يوما الافى غيبوبة او نوم وتستطيع ان تتذاكر معه من حفظه وتسأله عن اشياء حدثت منذ عشرات السنين وكانت له ذاكرة قوية وقلما ينسى اسما وكنت ارى ذلك ببركة القرآن وقيام الليل. رحمه الله رحمة واسعة وجعل الفردوس مثواه والى لقاء قريب باذن الله تعالى.

إبنه المحب عبدالسلام مصطفى التريكى
كتبته يوم ٢ يونيو ٢٠١٢
See Translation

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق