الجمعة، 8 يونيو 2012

مراتب الصبر عند العلماء

من ذكرياتى مع الوالد رحمه الله تعالى
مراتب الصبر عند العلماء
لاشك ان العلماء الربانيين يشتركون فى صفات جعلتهم يوصفون بأنهم علماء وكذلك يتميز بعضهم عن بعض بصفات أخرى حباهم بها الله تعالى وميزهم عن غيرهم. وأحاول جاهدا أن أبتعد عن المبالغة فى حديثى عن شيخى ووالدى رحمه الله تعالى برغم حبىِّ الشديد له والله يعلم ذلك منى ولكن فى نفس الوقت أستغل
صفة الأبوة التى منَّ الله علىَّ بها بجانب كونه عالما لأرى مالايراه العامة أو زيادة تفصيل.

فعندما أسترجع شريط حياتى معه تقفز الى ذاكرتى الأشياء التى ميزته كعالم وكأب ودائما أتسائل عن حب الناس الشديد له لدرجة أن بعض الناس قالوا أنتم تعيشون مع ملك غير متوج-بمعنى وصفهم- ولست هنا أغالى فى ذلك نعم إنه كان عالما بدين الله وكان فلاحا بكل ماتعنيه الكلمة وكان أبا حازما وفى نفس الوقت حنونا الى درجة كبيرة وهو بشر اجتهد فأصاب وأخطأ وكان يكره الغلو فى المدح وفى أمور كثيرة مع عزيمة يصعب على مثلى مجاراتها.

ولعل من أكثر صفاته التى لمسناها نحن أبناؤه ومقربيه أكثر من غيرنا هى صبره العجيب حتى أن رفيقة دربه الوالدة أمد الله فى عمرها وبارك تقول لم أسمعه يوما يشتكى من مرض أو بلاء حتى فى ذروة المرض وسدته وهى رفيقته لأكثر من ٥٠ عاما ولم تفارقه ليلا ولانهارا ومع الأمراض التى عاناها لأكثر من ١٧ عاما حتى أنه بقى فى غيبوبة لمدة ثلاثة أشهر فى سنة ٢٠٠٠ وفقد سمعه والنطق مؤقتا حتى أن أحد الأطباء الالمان قال لى حينها نسبة حياته لاتزيد عن ٥% وقالوا حتى لو عاش فسيفقد سمعه ويعيش على الاكسجين ولمن منَّ الله علىَّ فقلت له إنه رجل صبور ونؤمن بقدرة الله فى شفائه ومن منة الله عزوجل أن عاد لوعيه وأعاد الله له سمعه ونطقه وكامل وعيه واستمر يُعلِّمُ الناس بعدها لعشر سنوات ليل نهار لايفتر برغم الأمراض والمحن حتى أنى سألته يوما بعد أن أفاق من الغيبوبة وتعرض لشتى أنواع الالتهابات الرئوية التى تكفى إحداها لقتل رجل أصغر منه سنا وكانت ماتقارب ٩ مرات متتالية فسألته بالرغم من هيبته التى تمنعنى عادة من طرح هكذا سؤال ولكن صبره أذهلنى فقلت له يا والدى كيف تصبر الى هذا الحد ولم أسمعك يوما تشكوا أو تتكدر ولاأسمع إلاالحمد لله! فقال بصوت خافت يملؤه التواضع: الحمد لله ياابنى ولم يزد على ذلك وكان يكره كرها شديدا أن يحدث أويتكلم عن نفسه لدرجة أننى حاولت سنين عديدة أن أظفر منه بمواقف حدثت له سمعتها وأريد أن أتأكد فيرفض ويقول أسال الله الاخلاص والقبول وقد كان قليل الكلام حتى فى البيت وكثير العبادة ولعلى أتناول جانبا من عبادته قريبا بإذن الله.

ففد كنت أعزو حب الناس له لأسباب أهمها شدة خفائه فى العبادة وحرصه على الاخلاص وصبره العجيب رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به فى الفردوس الأعلى.

فالحديث عن صبره مازال يثير عجبى ولى معه فى ذلك قصصا كثيرة.
والسلام عليكم

إ بنه المشتاق عبدالسلام مصطفى التريكى

كتبته ٣٠  مايو ٢٠١٢


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق