الاثنين، 27 أغسطس 2012

ستكون فتن كقطع الليل المظلم



ستكون فتن كقطع الليل المظلم

الشيخ ياسر برهامي: "فترات الشدة تحصل فيها أنواعٌ مِنَ الانحراف عن الجادة، خُصُوصًا إذا طالت؛ فلابد مِنَ الثبات والصبر والاستمرار على نفس الطريق الذي أَيْقـَنَ المؤمنون بأنه صراطُ الله؛ بما بَيَّنه اللهُ لهم مِن وَحْيه، دون نَظـَر إلى النتائج، ولو لم يَلـُحْ في الأُفـُقِ شيءٌ مِنَ النور؛ فالنهارُ طالعٌ لا مَحَالةَ، والنورُ آتٍ بلا شك!".انتهى كلامه

كلام نفيس , يمكن أن ن
طبقه على واقعنا الحالى والضروف التى تمر بها بلادنا بعد التحرير من تكالب للأعداء فى الداخل والخارج , الذين يريدون أن يحققوا أطماعا دنيوية ويستغلوا الأوضاع لصالحهم دون مراعاة للدماء التى سالت ولا للأعضاء التى بُترت ولا للأعراض التى انتهكت , فَحرى بنا أن نتأمل فى كلمات الشيخ لعلنا نجد فيها السلوى.

اللهم احفظ البلاد والعباد من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

عبدالسلام التريكى

الأحد، 26 أغسطس 2012

رجاء بن حيوة


سيرة علماء الأمة

رجاء بن حيوة

نسبه وقبيلته

هو رجاء بن حيوة بن جندل بن الأحنف بن السمط بن امرئ القيس بن كندة، ولد في مدينة بيسان الغور، وعاش في فلسطين وسكنها، ودخل الكوفة والأندلس، وكان يصاحب الخلفاء لنصحهم فلما مات عمر بن عبد العزيز أبى أن يصاحب أحدًا من الخلفاء، ولما قدم يزيد بن عبد الملك بيت المقدس فسأل رجاء بن حيوة أن يصحبه فأبى واستعفاه فقال له عقبة بن وساج: إن الله ينفع بمكانك فقال: إن أولئك الذين تريد قد ذهبوا فقال له عقبة: إن هؤلاء القوم قل ما باعدهم رجل بعد مقاربة إلا ركبوه قال: إني أرجو أن يكفيهم الذي أدعوهم له.

تعلم علي يدي أمهات المؤمنين، وكان رجاء يقول: طفنا في نساء رسول الله  فسألناهن هل رأيتن رسول الله يصلي هاتين ركعتين قبل المغرب حين يؤذن المؤذن فقلن لا غير أم سلمة قالت صلاها عندي حين أذن بلال للمغرب فقلت يا نبي الله ما هذه الصلاة هل حدث شيء قال: "لا ولكن كنت أصليهما ركعتين قبل العصر فنسيتهما فصليتهما الآن". وأخذ عن عدد من الصحابة، وروى عن معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمر، وأبي أمامة الباهلي، وجابر بن عبد الله، وقبيصة بن ذؤيب وغيرهم من أصحاب رسول الله . وتعلم على يديه خلق كثير، وروى له مسلم والأربعة.

كان أحد الأئمة التابعين، وضعه أصحاب السير في الطبقة الثانية من التابعين وأورده صاحب تهذيب التقريب في الطبقة الثالثة.

أهم ملامح شخصيته
علمه وفقهه

تعلم رجاء بن حيوة على يد ثلة من الصحابة الأخيار، وعلى يد أمهات المؤمنين، فبلغ من العلم مكانة كبيرة دفعت مكحول - أحد أئمة التابعين - عندما تعرض له مسألة يقول سلوا شيخنا يريد رجاء بن حيوة، ومن مواقفه التي تدل على عمق فقهه وفهمه ما ذكره القرطبي في تفسيره عن إدريس بن يحيى قال: كان الوليد بن عبد الملك يأمر جواسيس يتجسسون الخلق يأتونه بالأخبار قال: فجلس رجل منهم في حلقة رجاء بن حيوة فسمع بعضهم يقع في الوليد فرفع ذلك إليه فقال: يا رجاء! أذكر بالسوء في مجلسك ولم تغير! فقال: ما كان ذلك يا أمير المؤمنين فقال له الوليد: قل: آالله الذي لا إله إلا هو قال: الله الذي لا إله إلا هو فأمر الوليد بالجاسوس فضربه سبعين سوطًا فكان يلقى رجاء فيقول: يا رجاء بك يستقى المطر وسبعون سوطا في ظهري! فيقول رجاء: سبعون سوطا في ظهرك خير لك من أن يقتل رجل مسلم. فهو هنا قد أخذ بحكم الرخصة فيمن حلفه سلطان ظالم على نفسه أو على أن يدله على رجل أو مال رجل وهذا يد ل على مدى علمه وفقهه. ولما دخل في نفس هشام بن عبد الملك شيئًا من قتله غيلان وصالح (وكانا يتكلمان في القدر) فقال له رجاء: لقتلهما أحب إلي من قتل ألفين من الروم، وذلك لأن ضررهما على الأمة كبير، وذلك يدل على غزارة فقهه وعلمه.

إنكاره للبدع

ورد في كتاب [الباعث علي إنكار البدع] عن رجاء بن جميل قال شهدت رجاء بن حيوة في جنازة عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الملك بعسقلان فسمع رجلاًًًًً يقول: استغفروا له غفر الله لكم فقال رجاء: اسكت دق الله عنقك، وجاء عن النبي  أنه كان إذا اتبع جنازة أكثر الصمت ورؤى عليه الكآبة وأكثر حديث النفس.

نصحه لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم

لو لم يكن لرجاء بن حيوة موقف غير موقفه الذي أشار به على سليمان بن عبد الملك بولاية عمر بن عبد العزيز لكفاه، فقد كان صادقًا في نصيحته له، يروى عن رجاء بن حيوة أنه قال: لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر في الدار أخرج وأدخل وأتردد فدعاني فقال لي: يا رجاء، أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين أو تشير بي عليه إن استشارك فوالله ما أقوى على هذا الأمر فأنشدك الله إلا صرفت أمير المؤمنين عني فانتهرته وقلت: إنك لحريص على الخلافة لتطمع أن أشير عليه بك فاستحيا ودخلت فقال لي سليمان: يا رجاء من ترى لهذا الأمر وإلى من ترى أن أعهد؟ قلت: يا أمير المؤمنين، اتق الله فإنك قادم على الله، وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه قال: فمن ترى؟ فقلت: عمر بن عبد العزيز قال: كيف أصنع بعهد أمير المؤمنين عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي؟ قلت: تجعلهما من بعده قال: أصبت ووفقت جئني بصحيفة فأتيته بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد من بعده وختمها، ثم دعوت رجالاً فدخلوا عليه فقال لهم: إني قد عهدت عهدي في هذه الصحيفة ودفعتها إلى رجاء وأمرته أمري وهو في الصحيفة اشهدوا واختموا الصحيفة؛ فختموا عليها وخرجوا فلم يلبث سليمان أن مات؛ فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فقالوا: يا رجاء، كيف أمير المؤمنين؟ قلت: تعلمون منذ اشتكى أسكن منه الساعة قالوا: لله الحمد فقلت: ألستم تعلمون أن هذا عهد أمير المؤمنين وتشهدون عليه؟ قالوا: بلى قلت: أفترضون به؟ قال هشام: إن كان فيه رجل من ولد عبد الملك وإلا فلا، قلت: فإن فيه رجل من ولد عبد الملك قال: فنعم إذا، قال: فدخلت فمكثت ساعة ثم قلت: للنساء اصرخن، وخرجت فقرأت الكتاب والناس مجتمعون.

تقواه وورعه

عن العلاء بن روبة قال: كانت لي حاجة إلى رجاء بن حيوة فسألت عنه فقالوا: هو عند سليمان بن عبد الملك قال: فلقيته فقال: ولى أمير المؤمنين اليوم ابن موهب القضاء ولو خيرت بين أن ألي وبين أن أُحمل إلى حفرتي لاخترت أن أًحمل إلى حفرتي قلت: إن الناس يقولون إنك أنت الذي أشرت به قال: صدقوا إني نظرت للعامة ولم أنظر له. ومن ورعه أنه كان لا يُفتي خوفًا من الفتوى فقد أورد ابن خيثمة في مؤلفه العلم. كان رجاء ومحمد والقاسم شيئًا واحدًا لا يكادون يفتون في الشيء.

الموالاة لله والبغض في الله

عن عبيد بن أبي السائب حدثني أبي قال قال: لي رجاء بن حيوة إذا أتيت بلال بن سعد فقل له إن رجاء بعثني إليك وقد كره أن يقرأ عليك السلام ويقول اللهم إنه بلغني أنك تكلم قال ابن السمرقندي تكلمت بكلام من كلام المكذبين بمقادير الله فإن كان وقع ذلك في نفسك شيء وإن يك ذلك زيغا أو خطأ فراجع من قريب حتى يعلم المكذبون بمقادير الله أن قد فارقتهم وتركت ما هم عليه.

الحلم والأناة

أورد الغزالي في إحياء علوم الدين مما يدل علي حلم رجاء بن حيوة "أتى عبد الملك بن مروان بأسارى فيهم ابن الأشعث فقال لرجاء بن حيوة ما ترى قال إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو فعفا عنهم".

من كلماته
يقول رجاء: الحلم أرفع من العقل لأن الله تسمى به.

وقال: ما أكثر عبد ذكر الموت إلا ترك الحسد والفرح.

وقال: يقال ما أحسن الإسلام يزينه الإيمان وما أحسن الإيمان يزينه التقى وما أحسن التقى يزينه العلم وما أحسن العلم يزينه الحلم وما أحسن الحلم يزينه الرفق.

وكان يقول: من لم يؤاخ من الإخوان إلا من لا عيب فيه قل صديقه ومن لم يرض من صديقه إلا بإخلاصه له دام سخطه ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه

قالوا عنه
قال مطر الوراق: ما رأيت شاميًا أفقه منه.

وقال مكحول: رجاء سيد أهل الشام في أنفسهم.

وقال مسلمة الأمير: برجاء وبأمثاله ننصر.

وقال ابن سعيد: كان رجاء فاضلاً ثقة كثير العلم.

وقال أبو أسامة: كان بن عون إذا ذَكَرَ من يُعجبه ذكر رجاء بن حيوة.

وقال بن عون: لم أر مثل رجاء بالشام.

وسأل هشام بن عبد الملك فقال: من سيد فلسطين؟ قالوا: رجاء بن حيوة.

الوفاة
ورد في طبقات خليفة بن خياط أن "رجاء بن حيوة مات سنة اثنتي عشرة ومائة".

منقول للفائدة

السبت، 25 أغسطس 2012

لم نعرف سيرة أئمتنا حق المعرفة!


لم نعرف سيرة أئمتنا حق المعرفة!

كثيرٌ ممن ينتسبوب لبعض المذاهب الفقهية من المتأخرين اليوم يتعصبون للآراء الفقهية لمتأخرى المذهب من العلماء ولايخرجون عن قولهم وقد يعارضون بذلك قول صاحب المذهب نفسه المنتسبين إليه!

ومع ذلك قلَّما أجد من أتباعهم أومتأخرى مقلديهم من يعرف حقيقة صاحب المذهب نفسه من علم وفضل وزهد وأخذ بالدليل وتحذيرهم من التعصب لأقوالهم فى مقابل الأصل , ألاوهو الكتاب والسنة , فتجد بعض 
الأتباع أو بالأحرى المقِّلدين يُخالف أُصولَ صاحب المذهب ولايعلم أنه بذلك يُسئ لصاحب المذهب الذى يقلِّده , وأقوال الأئمة المتبوعين فى نبذ التقليد الأعمى متواتر ومشهور ومسطرٌ فى كُتُبهم.

ولست هنا أبين قضية التقليد من عدمها , فلعل الله ييسر بسط الأمر فى وقت آخر.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

عبدالسلام مصطفى التريكى

أخوف ما أخاف أن أكون جسرا يعبر عليه غيرى للجنة وأكن من الخاسرين.



أخوف ما أخاف أن أكون جسرا يعبر عليه غيرى للجنة وأكن من الخاسرين.

قال الحسن البصرى رحمه الله (( ما مُدِحَ أحد إلا بجميل ستر الله عليه))
وقال رحمه الله ((لو كانت للمنافقين أذناباً لما استطعنا أن نمشي فى الطرقات)).

لاشك أن الانسان منا يحب أن يُذكَرَ بخير ولكن إياك أن تركن وتغتر بمدحهم وثنائهم وتكن من المفتونين , فالنفس تجمح ولايردها الاذكر الموت والحساب.

اللهم اجعلنى خيرا مما يظنون واغفر لى مالا يعلمون ولاتؤاخذنى بما يقولون.

عبدالسلام التريكى

ما هي الرسالة التي تحملها ؟؟ د.عبدالرحمن السميط (مؤثر جداً)


ما هي الرسالة التي تحملها ؟؟ د.عبدالرحمن السميط (مؤثر جداً)

انصح كل مسلم أن يستمع لهذا المقطع ويحاول أن يجيب عن هذا السؤال ويجيب عن أسئلة الشيخ السميط قبل الموت!

عبدالسلام التريكى


http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=zHXpR7Hq9CA

مقتطفات من كتاب تلبيس ابليس لابن الجوزى



مقتطفات من كتاب تلبيس ابليس لابن الجوزى

من الكتب المفيدة للامام صاحب الهمة العظيمة أبو الفرج بن الجوزى رحمه الله.

عبدالسلام

"إعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هـو الجهل في أمور الدين (( فــهو يدخـل على الجهال بـأمـان وإطمئنان ))

وأمـا العالم بأمور دينه فـلا يدخل عليه إبليس إلا مسارقه وبشق الأنفس

وقــد قـال الربيع بن خثيم : تفقه في أمـور دينك ثـم إعتزل للـعباده .

فــإن أول تلبيس إبليس اللعين على المسلمين والمؤمنين هـو إيثارهـم التعبد على العلم والعلم أفضل من النوافل . فـيريهم الشيطان أن المقصود من العلم هـو العمل

قـآل مطرف بن عبدالله :- فضل العلم خــير من فضل العبادهـ .
وقـآل يوسف بن أسباط :- باب من العلم تتعلمه أفضل من سبعيـــن غزآهـ .
وقـآل المعافى ابن عمرآن :- كــتـآبــة حــديـــث وآحد أحب إلي مــن صلاة ليله .

فمن يؤثــرون العباده على التعلم يتمكن إبليس من التلبيس عليهم في فنون التعبد !

الجمعة، 24 أغسطس 2012

محمد بن المنكدر



سيرة أعلام الأمة

محمد بن المنكدر

نسبه ونشأته

هو محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير القرشي التيمي، أبو عبد الله ويقال أبو بكر ، المدني، ولد سنة بضع وثلاثين من الهجرة.

وعده أصحاب الطبقات من الطبقة الثالثة: من الوسطى من التابعين، وروى له: البخاري - مسلم - أبو داود- الترمذي - النسائي - ابن ماجه.

الصحابة الذين تعلم على أيديهم

حدث عن سلمان وأبي رافع وأسماء بنت عميس وأبي قتادة وطائفة مرسلاً، وعن عائشة أم المؤمنين وأبي هريرة وعن ابن عمر وجابر وابن عباس وابن الزبير وأميمة بنت رقيقة وربيعة بن عباد وأنس بن مالك وأبي أمامة بن سهل ومسعود بن الحكم وعبد الله بن حنين وحمران وذكوان أبي صالح وسعيد بن المسيب وعروة وعبد الرحمن بن يربوع وأبيه المنكدر.

أثر الآخرين فيه

قال زياد مولى ابن عياش لمحمد بن المنكدر وصفوان بن سليم: الجد الجد، والحذر الحذر فإن يكن الأمر على ما نرجوه كان ما عملناه فضلاً وإلا لم تلوما.

وكانت أمه تقول له: لا تمازح الصبيان فتهون عليهم.

وقال محمد بن المنكدر لأبى حازم: يا أبا حازم، ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بالخير، ما أعرفهم وما صنعت إليهم خيرًا قط، فقال أبو حازم: لا تظن أن ذلك من قبلك، ولكن انظر إلى الذي ذلك من قبله فاشكره.

من ملامح شخصيته
اجتهاده في العبادة

كان ابن المنكدر من المجتهدين في العبادة فيقول: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت، وبينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى فكثر بكاؤه، حتى فزع له أهله وسألوه فاستعجم عليهم وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه فقال: ما الذي أبكاك قال: مرت بي آية قال وما هي قال:{وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} فبكى أبو حازم معه فاشتد بكاؤهما.

وعن سعيد بن عامر قال: قال ابن المنكدر: إني لأدخل في الليل فيهولني فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي.

وعن عمر بن محمد المنكدر قال: كنت أمسك على أبي المصحف، فمرت مولاة له فكلمها فضحك إليها ثم أقبل يقول: إنا لله إنا لله حتى ظننت أنه قد حدث شيء فقلت: مالك فقال: أما كان لي في القرآن شغل حتى مرت هذه فكلمتها.

وعن سفيان قال: كان محمد بن المنكدر ربما قام من الليل يصلي ويقول: كم من عين الآن ساهرة في رزقي.

بره بأمه

كان محمد بن المنكدر باراً بأمه، فكان يضع خده بالأرض ثم يقول لأمه قومي ضعي قدمك على خدي، وقال: بات عمر يعني أخاه يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته.

أثره في الآخرين

كان لمحمد بن المنكدر أثرًا بينًا في تربية الآخرين فعن ابن الماجشون قال: إن رؤية محمد بن المنكدر لتنفعني في ديني، وقال مالك: كنت إذا وجدت من قلبي قسوة آتى ابن المنكدر فأنظر إليه نظرة فأبغض نفسي أيامًا.

ورأى محمد بن المنكدر رجلاً واقفًا مع امرأة يكلمها فقال: إن الله يراكما سترنا الله وإياكما.

من كلماته

قال محمد بن المنكدر: أرأيت لو أن رجلا صام الدهر لا يفطر وقام الليل لا ينام وتصدق بماله وجاهد في سبيل الله واجتنب محارم الله، غير أنه يؤتى به يوم القيامة فيقال: إن هذا عظم في عينه ما صغره الله، وصغر في عينه ما عظمه الله، كيف ترى يكون حاله؟ فمن منا ليس هكذا؟ الدنيا عظيمة عنده مع ما اقترفنا من الذنوب والخطايا.

قيل لمحمد بن المنكدر: أي العمل أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن. قيل: فما بقي مما يستلذ؟ قال: الإفضال على الإخوان.

مناقبه وما قيل فيه

قال ابن وهب: حدثني ابن زيد قال: خرج ناس غزاة في الصائفة فيهم محمد بن المنكدر، فبينا هم يسيرون في الساقة إذ قال رجل منهم: اشتهي جبنًا رطبًا فقال محمد: فاستطعم الله فإنه قادر فدعا القوم فلم يسيروا إلا شيئًا حتى وجدوا مكتلاً مخيطًا، فإذا هو جبن طري رطب، فقال بعضهم: لو كان هذا عسلاً، قال: الذي أطعمكموه قادر، فدعوا الله فساروا قليلاً فوجدوا فرق عسل على الطريق، فنزلوا وأكلوا الجبن والعسل.

وقال سفيان بن عيينة: كان ابن المنكدر من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون.

وعن مالك قال: كان محمد سيد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كاد أن يبكي.

موقف الوفاة

عن عبد الرحمن بن زيد قال: أتى صفوان بن سليم محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال: يا أبا عبد الله، كأني أراك قد شق عليك الموت؟! فما زال يهون عليه الأمر ويتجلى عن محمد حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له محمد: لو ترى ما ألاقيه لقرت عينك. ثم قضى! وكانت وفاته سنة 130هـ.

منقول للفائدة

الخميس، 23 أغسطس 2012

( قال إنما أوتيته على علم عندي)



( قال إنما أوتيته على علم عندي)

عندما تنظر حولك وتتبع كثيرا من قصص من رأيتهم ومن خالطتهم , تجد كثيراً منهم عندما يوفقه الله عز وجل فى أمر من أمور الدنيا , من دراسة أو مال أو منصب أو ذرية أو غيرها من النجاحات المادية , تجد بعضهم أو ربما كثير منهم ينسب ذلك النجاح لنفسه بطريقة مباشرة أوملتوية, ولايعزوا ذلك للمسبب الحقيقي سبحانه وتعالى , فيستطرد فى ذكر ذكائه وهمته وعلمه وشطارته وكيف فاق غيره وكيف حقق النتائج بسرعة ودقة ولم يحتاج لوقت كما احتاج غيره!!

ولو تتبعت حاله قبل تحقيق ذل
ك النجاح لوجدته خائفا من سؤ العاقبة وليس بضامن للتحقيق ذلك النجاح بل ليس ضامنا لأقل من ذلك , ولكن بعد أن وفقه الله وقد يكون له فتنة واستدراجاً , ينسب كل شئ لنفسه وينسي ربه عز وجل ويغتر بنفسه ويتعالى على خلقه وكما قال تعالى (وقليل من عبادى الشكور).

اللهم لاتكلنا لأنفسنا طرفة عين. اللهم ما أصابنى من خير بفضلك وحدك وأنت قادر على أن تنزعه منى متى شئت , فلا تجعلنى من المفتونين.

عبدالسلام التريكى

الصديق العدو!

الصديق العدو!

ماندمت على شئ كما ندمت على إفشاء سري لمن كنت أظنه صديقا!
وكما يقال:

احذر عدوك مره.........و احذر صديقك الف مره
لربما انقلب الصديق........فكان اعلم بالمضره.

للأسف هذا واقع مر وحقيقي وقلَّمَا ينجو منه إنسان , فالألم يتضاعف مع هذا العدو الصديق , ويتحول إلى وحش كاسر ,يقلب حسناتك إلى سيئات وينقلب مدحه إلى قدح والتظاهر بالحب إلى كره عميق , ولكن كما يقال: الضربات التى لاتقسم الظهر تقويه , فلاشئ يستحق أن تقف الحياة من أجله إذا ما حفظ الله عليك دينك , فكل مادونه يهون.


اللهم إجعلنا أعزّةً بين الناس , أذلَّةً بين يديك.

عبدالسلام مصطفى التريكى

الأربعاء، 22 أغسطس 2012

المنّ بالمعروف


المنّ بالمعروف

من أكثر الأمراض والآفات إنتشاراً فى مجتمعنا فى السنين الأ خيرة والتى عمَّ بها البلاء فى مجتمعنا , هى المنّ بالمعروف، أو المنّ بما نصنع من خير للناس. هذا الداء إستفحل حتى أصبح شيئا غير مُستهجن فى مجتمعنا , وأصبح التبجحُ به ليلا ونهارا وهو مالم يكن بهذا الانتشار عند آبائنا ,فقد كانت بيئتهم وأخلاقهم تأنف من هذا الخلق , وإذا فعله أحدهم نهروه ونبذوه وأنكروا عليه أشد الانكار. أما اليوم فقد صار خُلُقاً عند الكثير , وأصبح غير مُستنكرٍ عند الكثير منا.

فوالله , عدم صُنعِك للمعروف أهون بكثير من صُنعك إياه والامتنان على عباد الله.

وأنقل لكم كلاما جميلا للدكتور عمر عبدالكافى أنصح بقرائته ونشره لعل البعض يتعض وينتهر عن هذا الخُلُق السئ.

عبدالسلام مصطفى التريكى

المنّ بالمعروف

د. عمر عبدالكافي


 المنّ بالأعطية، أو المنّ بالمعروف، أو المنّ بما نصنع من خير. قال الله تعالى: ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17).  إن الذي يمن هو الله رب العالمين، قال العباس، رضي الله عنه: "إن في المعروف ثلاثة، إن عجّلته هنأته، وإن سترته تممته، وإن صغرته عظمته" ([1]).

 فالإنسان الذي يريد أن يصنع معروفاً في إنسان، تجب عليه جملة أمور:

1- أن يستره، يعني: يستر المعروف، ولا يفضحه على رؤوس الأشهاد، يعني أعجب من بعض الذين يسّر الله لهم أموالاً كثيرة، ويريدون أن يخرجوها ابتغاء مرضاة الله ينشر أنه وزع كذا وكذا في وسائل إعلام معينة أو في صحيفة معينة أو أن الأسر الفقيرة التي في المنطقة الفلانية قد أعطاها الرجل الثري المفضال الكريم كذا وكذا، انظر إلى السبع الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "ورجل تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه" ([2]).هذه  كناية عن شدة إخفاء الخير الذي تصنع. وكان الصحابة، رضي الله عنهم، يتنافسون في صناعة الخير وفي عمل الخير، ويستر الواحد منهم ما يصنع من خير.

 2-  أن تعجّله، يعني: إن أردت أن تصنع  في إنسان خيراً، إن طلب منك أو لم يطلب، عليك أن تٌعجل، بأن تزوج له ابنته، تُقيله من عثراته، تفرج كربه، تُغيث لهفته.

 3-  أن تصغره، تقول: والله يا أخي ما صنعت شيئاً، يقول: جزاك الله عني خيراً أنتَ قد صنعت كذا وكذا، يقول: يا أخ الإسلام لا تكّبر المسألة، هذا أمر صغير، هذا أقل ما يجب. هكذا تشعر هذا الإنسان أنك ما صنعت ما يجب أن يُصنع لأمثاله من أهل الخير، ولا تمن ولا تقول: والله صنعت كذا وكذا.ولذلك أخ الإسلام وأختي المسلمة وأبنائي وبناتي يجب أن نضع ميزاناً لصناعة المعروف. فأحياناً الإنسان يصنع المعروف، ولا يعرف هل هذا المعروف كان خالصاً لوجه الله أم أنه صُنع نتيجة ظرف معين وأمر معين. أولاً إن صنعت في إنسان معروفاً، ورد عليك رداً حسناً فسررت بهذا، أو رد عليك رداً سيئاً بعد أن صنعت فيه المعروف فحزنت، فأعلم أن هذا المعروف ليس لوجه الله ([3]). يعني أنتَ صنعت في إنسان أمراً ما خير، فرد عليك رداً سيئاً يعني مثلاً صنعت في فقير أمراً معيناً، فرجت كربه أو سددت دينه، أو أنفقت عليه حتى اشتريت له الدواء أو الكساء أو غير ذلك. وطلبت منه مطلباً معيناً في يومٍ ما بعد أن صنعت فيه هذا المعروف فلم يسعفك ولم ينفذ طلبك ولم يستجب لك، فحزنت وتعجبت، وقلت سبحان الله، انظر يا أخ الإسلام أصنع في هذا المعروف والخير ولكنه وللأسف الشديد يرد عليّ هذا الرد ويقصر في صناعة الخير لي، وانظر أنا ماذا أصنع له؟ أعلم أن هذا المعروف ليس لوجه الله، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:)إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) (الإنسان:9).يعني أنت إذا صنعت الخير في إنسانٍ ما، فلا تنتظر أن يرد أو لا يرد؛ لأنك صنعته ابتغاء مرضات الله. فإذا صنعته ابتغاء مرضات الله فرب العباد سبحانه وتعالى سوف يكافئك خيراً.

فخير المعروف: ستره وتعجيله وتصغيره.والله سبحانه وتعالى في مسألة المن يقول محذراً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) (البقرة من الآية:264).  يعني: تمن على الله سبحانه وتعالى في صدقته، والأذى لصاحبها، أي: تؤذي صاحب الأمر في أنك تقول له: أنا صنعت فيك كذا وكذا. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم, المسبل (أي الذي يلبس ثوباً طويلا يقصد به التكبر والاستعلاء والتبختر) المسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، (يعني :يقسم بالله والله أن هذه ثمنها كذا، وهو على غير ذلك) المسبل، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" ([4]) المنّان (الذي يمن على الناس)وفي رواية أخرى"ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والمدمن الخمر، والمنّان"    (([5].ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم : "إياكم والمن بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر" ثم تلى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) (البقرة: من الآية264) ([6]).

 ابن سيرين يسمع رجلاً يقول لآخر أحسنت إليك وفعلت كذا وفعلت كذا. فقال له ابن سيرين: اسكت فلا خير في المعروف إذا أحصي ([7]).فلا خير في المعروف إذا أحصي، فالإنسان إذا قال لإنسان أحسن إليه: أنا أحسنت إليك، وأنا صنعت كذا وصنعت كذا، وفعلت لك كذا وكذا، فلا خير في هذا المعروف؛ لأنه أحصاه وعدده، فمن منّ بمعروفه، سقط من شكره. ومن أُعجب بعمله حبط أجره.وقديماً قالوا: لا تحملّن من الأنام بأن يمنوا عليك مِنا، واختر لنفسك حظها، واصبر فإن الصبر جُنة. منن الرجال على القلوب أشد من وقع الأسنة. كان بعض الحكماء ينشدون:      وصاحبٌ سلفت منه إلى يد          أبطأ عليه مكافاتي فعاداني       لما تيقن أن الدهر حاربني            أبدى الندامة مما كان أولاني       أفسدت بالمن ما قدمت من حسدٍ  ليس الكريم إذا أعطى بمنان .

فالإنسان لا يمن أبداً على الناس، وإذا أعطى شيئاً يبتغي بما أعطى وجه الكريم سبحانه وتعالى وأن هذا العطاء إنما هو من رب العالمين سبحانه وتعالى، فيحمد الله عز وجل أن جعله معطاءً، ويمنح ولا يبخل، ويصير كريماً؛ لأن المعطي أصلاً إنما هو رب العباد سبحانه وتعالى.أخوة الإسلام كثير من أبنائنا وبناتنا، للأسف الشديد، ينسون عندما يكبرون. كان هذا الولد صغيراً وكان أبوه كبيراً. كان هذا الولد ضعيفاً وكان أبوه قوياً. بعد أن مرّت السنون وتوالت الأعوام كبر الأب فصار ضعيفاً، وكبر الابن فصار قوياً، عجز الأب فصار فقيراً وارتزق الابن واتسعت تجارته فصار غنياً،  فيبدأ الابن من باب البر أن ينفق على أبيه، ولكن كثيراً أو بعضاً من أبنائنا يمنون، إذا قلت له: يا فلان أنتَ مقصر من ناحية أبيك، أنت مقصر من ناحية أمك، يقول: لا أنا أعطيت كذا وكذا، وصنعت له كذا وكذا، وأخذته ليؤدي مناسك الحج وأعطيه كذا، وآتي له بالكساء، وآتي له بكذا. يا أخ الإسلام لا تمنّ فأنت ومالك لأبيك، أنتَ وما تملك إنما هو ملك لأبيك. وإن أمراك، أي الأب والأم، أن تخرج من أهلك ومالك فهل تبرهما؟!أخطر أنواع المن، أن يمن الإنسان على أبيه وأمه؛ لأن من ضمن الستة الذين لا يأخذون زكاة المال أولا يحق أن يُعطوا زكاة المال "الأب والأم"، الأب وإن علا والابن و إن سفل. لماذا لا يعطى الأب؟ لماذا لا تعطى الأم؟ لأنهما في رقبتي، وتحت رعايتي (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ ) (الإسراء: من الآية23) أنا وما أملك إنما ملك لأبي، وملك لأمي، فيجب أن أعطيهما، لماذا؟ لأنهما هما اللذان ربياني صغيرا، قال تعالى: (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء: من الآية 23-24).


هكذا أمرنا رب العباد سبحانه وتعالى، فكيف يمن الإنسان على أبيه، كيف يمن على أمه، كيف يمن على من  كان سبباً في وجوده في هذه الحياة، وكان سبباً في أن علماه القراءة والكتابة، فبدأ يقرأ في المصحف، وبدأ يستقيم على الطريق، وبدأ يعمل ويتكسب نتيجة أن الأب والأم قد وكل الله سبحانه وتعالى بما في قلوبهما من رحمة لهذا الابن، ثم بعد ذلك يأتي الابن بعد أن صار قوياً، وصار فتياً غنياً ذا جاه و منصب، يمن على أبيه، أو يمن على أمه بما يعطي، ويقول لقد أعطيت كذا وكذا!!حتى يقول بعض أهل العلم عندما نأتي لنقسم تركة معينة فلا يقول ابن من الأبناء لقد أقرضت أبي كذا وكذا،  وقد أعطيت أبي في حياتي كذا وكذا، وأعطيت أمي في حياتها كذا. نقول أنت وما تملك إنما هو ملك للأب وملك للأم لأنهما كانا سبباً في وجودك كما قلت في هذه الحياة.أيضاً بعض من الأزواج يمنون على الزوجة: أنا صنعت كذا وكذا، وأنا جئت بك من بيئة أقل، وجئت بك من عائلة فقيرة، وصرت بعد ذلك تركبين أفضل السيارات، وتسكنين أفضل البنايات، وتعيشين أفضل البنايات، لا يا أخ الإسلام، كلمة طيبة خير من صدقة يتبعها أذى، لا تمن على زوجتك. أيضاَ لا تمن الزوجة على زوجها، وتقول: أنا أخدمك وأخدم أطفالك.يا أخت الإسلام، ابتغ في ما تصنعين وجه الله سبحانه وتعالى، ابتغ في ما تفعلين في بيتك ومع زوجك، حتى وإن كان سيئ الملكة، ابتغ كرّم الله سبحانه، وثوابه ورضاه، هكذا إذا أراد الإنسان أن يؤجر خيراً في ما يصنع. أحبتي في الله، حقيقة الأمر مسألة المن هذه، لا يمن ابن على أبيه، لا يمن ابن على أمه أو بنت على أمها، لا يمن أخ على أخيه، لا يمن غني على فقير، فما سمعنا أن أبا بكر منّ على بلال، رضي الله عنهما، الذي اشتراه ثم أعتقه، وقال عمر متأدباً في قمة الأدب: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، ويقصد: بلالاً، رضي الله عنه ([8]).لم يمن أغنياء الصحابة على الفقراء بما صنعوا، حتى إن أهل الصفة، وهم فقراء المدينة الذين كانوا لا يستطيعون العمل لضعفهم وضعف بنيتهم، كان الصحابة من الأغنياء يربطون في سارية مؤخرة مسجد رسول الله حبلاً ويأتي الغني ليضع ما يريد لإخوانه الفقراء من طعام أو شراب أو كساء أو أي ذلك. ويأتي هؤلاء الفقراء ليأخذوا، لا يعرف الغني من الذي أخذ من الفقراء، ولا يعرف الفقير من الذي أعطى من الأغنياء؛ لأن الكل إنما يبتغي وجه الله سبحانه وتعالى.لا يمن أحد على أحد إلا إذا كان في قلبه مرض، وفي قلبه عدم نقاء، فالمن بما أعطى الإنسان هذه آفة خطيرة يجب أن ننتهي عنها.نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقيّنا هذه الآفة وأن يشفينا إن كانت موجودةً عندنا، إن ربنا على ما يشاء قدير.


اترك ورائك مايلحقك نفعه فى قبرك.


  اترك ورائك مايلحقك نفعه فى قبرك.
اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة. اللهم حرّم النار على أجسادنا فى الدنيا والآخرة. اللهم عاملنا بفضلك ولاتعاملنا بعدلك فنهلك.

عبدالسلام التريكى

الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

لَاتَحْرِمْ غيرَكَ الخير الذى هُدِيتَ إليه



لَاتَحْرِمْ غيرَكَ الخير الذى هُدِيتَ إليه

كثيرا ما أتناصح مع بعض إخوانى فى أننا عندنا قدرات متفاوته فى إسداء النصح لأنفسنا ولغيرنا والدعوة بالحكمة كُلٌّ حسب مقدرته , ولكن يقول البعض:كيف أدعو غيرى وأنا عندى تقصير وعندى ذنوب وهفوات! , فأقول له:ومن منا لايُذنب ومن منا لايُخطأ! إن هذه الشبهات والمثبطات من عمل الشيطان ليجعلنا معزولين عن الخير لأنفسنا ولغيرنا , فالفارق بين المذنب الذى يدعو وغيره , هو 
أن لايُصرعلى الذنوب وأن يجتهد فى التوبة وبذلك هو مميز عن من يُصِرُّ على ذنوبه فلايَقْبلُ منه غيره.

فلعل كلمة نُبَلِّغَها غيرنا بإخلاص تكون سببا فى هداية خلق كثير , فيدعون لك ويستغفرون لك , فيكفر الله ذنوبك ويرفع درجتك مالم تبلغه بعملك.
اللهم اجعلنا هُداةً مَهديين
.
عبدالسلام التريكى

تعاقب المحن!


تعاقب المحن!

كلما سَّرنى أمر , أو سرَّتنى أيام , تلتها محن ومكدرات , وهكذا , فعلمت أن الله سبحانه وتعالى له حِكَمٌ فى تعاقب السراء والضراء , ومن أهمها أن هذه الدار ليست بدار استقرار وأن الأُنسَ بها مُوحش , والوحشة بها أُنسٌ بالله.

اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا ولامبلغ علمنا ولاإلى النار مصيرنا.

عبدالسلام مصطفى التريكى

قصة مالك والليث بن سعد


قصة مالك والليث بن سعد

أنصح الجميع بقرائتها وستستمتع بالرغم من بعض الطول لعظيم الفائدة.

انشر هذه الرسالة الماتعة مع بعض الطول لأن فيها فوائد عديدة , نحن فى هذا الزمان أحوج مانكون الى مثل ماكُتب فيها بين إمامين عظيمين شهد لهما أهل العلم برسوخ القدم فى العلم وثُبوت الامامة والحكمة. كنت قد قرأتها قديما وتركت أثراً فى فكرى , لما وجدته من أدب رفيع وتواضع جم وحُسن ظن كل منهما بالآخر وإنصياع كلاهما للد
ليل والحق بغير تعصب للمذهب الذى قد حدث من بعض أتباعهم , وقرأت فى غيرما موضع عن العلاقة الأخوية بين الامامين بالرغم من اختلافهم الفقهى فى كثير من المسائل , ولايستغرب البعض منكم فهذا الليث بن سعد الذى قال عنه الشافعى: ماندمت على علم فاتنى كما ندمت على علم الليث" فامامة مالك معروفة وكذلك امامة الليث بن سعد , ومع ذلك اختلفت بعض اجتهاداتهم ولكن لم تختلف قلوبهم , حتى أن الليث بن سعد كان يتعهد مالكاً بالعطاء الى ان مات , فقد كان الليث ثريا وصاحب بر وصدقة كتبت عنه الأمم.

قارن حال هذين الامامين بحال بعضنا اليوم سواء من بعض من ينتسبون للعلم أو غيرهم , قد نتفق فى كثير من المسائل ولكن نختلف فى بعضها فتنشأ العداوة والهمز واللمز مع اتفاقنا فى كثير من الأصول!!

أنصح الجميع بقرائتها وستستمع بالرغم من بعض الطول لعظيم الفائدة.

أخوكم عبدالسلام مصطفى التريكى

وإليكم الرسالة:

قال الإمام يحيى بن معين في تاريخه : هذه رسالة الليث بن سعد إلى مالك : حدثنا يحيى قال : حدثنا عبد الله بن صالح : بسم الله الرحمن الرحيم من الليث بن سعد إلى مالك بن أنس سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد عافانا الله وإياك وأحسن العاقبة في الدنيا والآخرة وقد بلغني كتابك تذكر من صلاح حالك الذي سرني فأدام الله ذلك لكم وأتمه بالعون على الشكر له وبه والزيادة في أحسنه وذكرت نظرك في الكتب التي بعثت إليك بها وإقامتك إياها وختمك عليها بخاتمك وقد أتتنا فآجرك الله فيما قدمت منها فإنها كتب انتهت إلى عنك فأحببت أن أبلغ تحقيقها بنظرك فيها وذكرت أنه قد نشطك ما كتبت إليك فيه من تقويم ما أتاني عنك إلى ابتدائي بالنصيحة وانك ترجو أن يكون لها عندي موضع أو قال يحيى موقع وأنه لم يمنعك من ذلك فيما خلا إلا أن يكون رأيك فينا جميلا إلا أني لم أذاكرك مثل هذا وأنه بلغك أني أفتى بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندكم وأنه يحق على الخوف على نفسي لاعتماد من قبلي على ما أفتيهم به وأن الناس تبع لأهل المدينة إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن وقد أصبت بالذي كتبت به من ذلك إن شاء الله ووقع مني بالموقع الذي تحب وما أجد أحدا ينسب إليه العلم أكره لشواذ الفتيا ولا أشد تفضيلا أو قال تفصيلا لعلم أهل المدينة الذين مضوا ولا أخذا بفتياهم فيما اتفقوا عليه مني والحمد لله وأما ما ذكرت من مقام رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزول القرآن عليه بين ظهراني أصحابه وما علمهم الله منه وأن الناس صاروا تبعا لهم فكما ذكرت وأما ما ذكرت من قول الله تبارك وتعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم فإن كثيرا من أولئك السابقين الأولين خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله فجندوا الأجناد واجتمع إليهم الناس وأظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة رسوله ولم يكتموهم شيئا علموه فكان في كل جند منهم طائفة يعملون بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم ولم يكتموهم شيئا علموه ويجتهدون رأيهم فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة ويقومهم عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارهم المسلمون لأنفسهم ولم يكن أولئك الثلاثة مضيعين لأجنادهم ولا غافلين عنهم بل كانوا يكتبون في الأمر اليسير لإقامة الدين والحذر من الخلاف لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم فلم يتركوا أمرا فسره القرآن أو عمل به النبي صلى الله عليه و سلم أو ائتمروا فيه الا علموهموه فإذا جاء أمر عمل به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم بمصر والشام والعراق على عهد أبي بكر وعمر وعثمان لم يزالوا عليه حتى قبضوا لم يأمروهم بغيره فلا نراه يجوز لأجناد المسلمين أن يحدثوا اليوم أمرا لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم والتابعين لهم حين ذهب أكثر العلماء وبقى منهم من لا يشبه من مضى مع أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قد اختلفوا بعده في الفتيا في أشياء كثيرة لولا أني عرفت أن قد علمتها كتبت إليكم بها ثم اختلف التابعون في أشياء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم سعيد بن المسيب ونظراؤه أشد الاختلاف ثم اختلف الذين كانوا بعدهم حضرناهم بالمدينة وغيرها ورأيتهم يومئذ في الفتيا بن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن رحمة الله عليهما فكان من خلاف ربيعة تجاوز الله عنه لبعض ما مضى وحضرت وسمعت قولك فيه وقول ذوي السن من أهل المدينة يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وكثير بن فرقد وغير كثير ممن هو أسن منه حتى اضطرك ما كرهت من ذلك إلى فراق مجلسه وذاكرتك أنت وعبد العزيز بن عبد الله بعض ما نعيب على ربيعة من ذلك فكنتما موافقين فيما أنكرت تكرهان منه ما أكره ومع ذلك بحمد الله عند ربيعة خير كثير وعقل أصيل ولسان بليغ وفضل مستبين وطريقة حسنة في الإسلام ومودة صادقة لإخوانه عامة ولنا خاصة رحمه الله وغفر له وجزاه بأحسن عمله وكان يكون من بن شهاب اختلاف كثير إذا لقيناه وإذا كاتبه بعضنا فربما كتب في الشيء الواحد على فضل رأيه وعلمه بثلاثة أنواع ينقض بعضها بعضا ولا يشعر بالذي مضى من رأيه في ذلك الأمر فهو الذي يدعوني إلى ترك ما أنكرت تركي إياه .
وقد عرفت أن مما عبت إنكاري إياه أن يجمع أحد من أجناد المسلمين بين الصلاتين ليلة المطر ومطر الشام أكثر من مطر المدينة بما لا يعلمه إلا الله عز و جل لم يجمع إمام منهم قط في ليلة المطر وفيهم خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومعاذ بن جبل وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ ويقال يأتي معاذ يوم القيامة بين يدي العلماء برتوة وشرحبيل بن حسنة وأبو الدرداء وبلال بن رباح وقد كان أبو ذر بمصر والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وبحمص سبعون من أهل بدر وبأجناد المسلمين كلها وبالعراق بن مسعود وحذيفة وعمران بن حصين ونزلها على بن أبي طالب سنين بمن كان معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وسمل فلم يجمعوا بين المغرب والعشاء قط .
ومن ذلك القضاء بشهادة الشاهد ويمين صاحب الحق وقد عرفت أنه لم يزل يقضي به بالمدينة ولم يقض به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشام ولا مصر ولا العراق ولم يكتب به إليهم الخلفاء المهديون الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان ثم ولى عمر بن عبد العزيز وكان كما قد علمت في أحياء السنن وقطع البدع والجد في إقامة الدين والإصابة في الرأي والعلم بما مضى من أمر الناس فكتب إليه رزيق بن الحكيم إنك كنت تقضي بذلك بالمدينة بشهادة الشاهد ويمين صاحب الحق فكتب إليه عمر إنا قد كنا نقضي بذلك بالمدينة فوجدنا أهل الشام على غير ذلك فلا نقضي إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين ولم يجمع بين المغرب والعشاء قط في المطر والسماء تسكب عليه في منزله الذي كان يكون فيه بخناصرة سكبا .
ومن ذلك أن أهل المدينة يقضون في صدقات النساء أنها متى شاءت أن تكلم في مؤخر صداقها تكلمت يدفع ذلك إليها وقد وافق أهل العراق أهل المدينة على ذلك وأن أهل الشام وأهل مصر لم يقض أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا من كان بعدهم لامرأة بصداقها المؤخر إلا أن يفرق بينهما الموت أو الطلاق فتقوم على حقها .
ومن ذلك قولكم في الإيلاء إنه لا يكون عليه طلاق حتى يوقف وإن مرت الأربعة أشهر وقد حدثني نافع عن عبد الله وعبد الله الذي كان يروى عنه ذكر التوقف بعد الأربعة أشهر أنه كان يقول في الإيلاء الذي ذكر الله في كتابه لا يحل للمولى إذا بلغ الأجل إلا أن يفىء كما أمره الله أو يعزم الطلاق وأنتم تقولون وان لبث اشهرا بعد الأربعة الأشهر التي سمى الله ولم يوقف لم يكن عليه طلاق وقد بلغنا عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وقبيصة بن ذؤيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن انهم قالوا في الإيلاء إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة وقال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وابن شهاب إذا مضت الأربعة فهي تطليقة وله الرجعة في العدة .
ومن ذلك أن زيد بن ثابت كان يقول إذا ملك الرجل امرأته أمرها فاختارت زوجها فهي تطليقة وإن طلقت نفسها ثلاثا فهي تطليقة وقضى به عبد الملك بن مروان وكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول وقد كاد الناس يجتمعون على أنها إن اختارت زوجها لم يكن فيه طلاق وإن اختارت نفسها واحدة أو اثنتين كانت له عليها رجعة وإن طلقت نفسها ثلاثا بانت منه ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره فيدخل بها ثم يموت عنها أو يطلقها إلا أن يرد عليها في مجلسه فيقول إنما ملكتك واحدة فيستحلف ويخلي بينه وبين امرأته .
ومن ذلك أن عبد الله بن مسعود كان يقول أيما رجل تزوج أمة ثم اشتراها زوجها فاشتراؤه إياها ثلاث تطليقات وكان ربيعة يقول ذلك وإن تزوجت الحرة عبدا فاشترته فمثل ذلك .
وقد بلغتنا عنكم أشياء من الفتيا فاستنكرها وقد كتبت إليك في بعضها فلم تجبني في كتابي فتخوفت أن تكون استثقلت ذلك فتركت الكتاب إليك في شيء مما أنكرت وفيما أردت فيه علم رأيك .
وذلك أنه كان بلغني أنك أمرت زفر بن عاصم الهلالي حين أراد أن يستسقي أن يقدم الصلاة قبل الخطبة فأعظمت ذلك لأن الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة كهيئة يوم الجمعة إلا أن الإمام إذا دنا فراغه من الخطبة حول وجهه إلى القبلة فدعا وحول رداءه ثم نزل فصلى وقد استسقى بين ظهرانيكم عمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وغيرهما فكلهم يقدم الخطبة والدعاء قبل الصلاة فاستهتر الناس الذي صنع زفر بن عاصم من ذلك واستنكروه .
ومن ذلك أنه ذكر لي أنك تقول إن الخليطين في المال لا يجب عليهما الزكاة حتى يكون لكل واحد منهما ما يجب فيه الصدقة وفي كتاب عمر بن الخطاب أنه يجب عليهما الصدقة ويترادان بينهما بالسوية وقد كان ذاك الذي يعمل به في ولاية عمر بن عبد العزيز قبلكم والذي حدثنا به يحيى بن سعيد ولم يكن بدون أفاضل العلماء في زمانه فرحمه الله وغفر له وجعل الجنة مصيره .
ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول إذا أفلس الرجل وقد باعه رجل سلعة فتقاضى طائفة من ثمنها شيئا أو أنفق المشترى طائفة منها أنه يأخذ ما وجد من متاعه وكان الناس على أن البائع إذا تقاضى من ثمنها شيئا أو أنفق المشتري منها شيئا فليست بعينها .
ومن ذلك يذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعط الزبير إلا لفرس واحد والناس كلهم يحدثون أنه أعطاه أربعة اسهم لفرسين ومنعه سهم الفرس الثالث والأمة كلهم على هذا الحديث أهل الشام وأهل مصر وأهل إفريقية وأهل العراق ولا يختلف فيه اثنان فلم يكن ينبغي وإن كنت سمعته من رجل مرضي أن يخالف الأمة أجمعين وقد تركت أشياء كثيرة من أشباه هذه .
وأنا أحب توفيق الله إياك وطول بقائك لما أرجو للناس في ذلك من المنفعة وما أخاف أن يكون من المضيعة إذا ذهب مثلك مع استئناسي بمكانك وإن نأت الدار فهذه منزلتك عندي ورأيي فيك فاستيقنه والسلام ) أهـ

يتبع جواب الإمام مالك

( رسالة مالك إلى الليث بن سعد )

وقال الإمام يحيى بن معين في تاريخه:( بسم الله الرحمن الرحيم وهذه رسالة مالك بن أنس إلى الليث بن سعد : قال يحيى حدثنا عبد الله بن صالح : من مالك بن أنس إلى الليث بن سعد سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو

أما بعد ..

عصمنا الله وإياك بطاعته في السر والعلانية وعافانا وإياك من كل مكروه كتبت إليك وأنا ومن قبلي من الولدان والأهل على ما تحب والله محمود أتانا كتابك تذكر من حالك ونعمة الله عليك الذي أنا به مسرور أسأل الله أن يتم علي وعليك صالح ما أنعم علينا وعليك وأن يجعلنا له شاكرين وفهمت ما ذكرت في كتب بعثت بها لاعرضها لك وأبعث بها إليك وقد فعلت ذلك وغيرت منها ما غيرت حتى صح أمرها على ما يجب وختمت على كل قنداق - أو قال يحيى : غنداق - منها بخاتمي ونقشه حسبي الله ونعم الوكيل وكان حبيبا إلى حفظك وقضاء حاجتك وأنت لذلك أهل وصبرت لك نفسي في ساعة لم أكن أعرض فيها لأن أنجح ذلك فتأتيك مع الذي جاءني بها حتى دفعتها إليه وبلغت من ذلك الذي رأيت أنه يلزمني لك في حقك وحرمتك وقد نشطني ما استطلعت مما قبلي من ذلك في ابتدائك بالنصيحة لك ورجوت أن يكون لها عندك موضع ولم يكن منعني من ذلك قبل اليوم إلا أن يكون رأيي لم يزل فيك جميلا إلا أنك لم تذاكرني شيئا من هذا الأمر ولا تكتب فيه إلى واعلم رحمك الله أنه بلغني أنك تفتى بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندنا وببلدنا الذي نحن به وأنت في إمامتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ما جاء منك حقيق بأن تخاف على نفسك وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه فإن الله عز وجل يقول في كتابه { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } ، قال تعالى { الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب } .

فإنما الناس تبع لأهل المدينة إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن وأحل الحلال وحرم الحرام إذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهرهم يحضرون الوحي والتنزيل ويأمرهم فيتبعونه ويسن لهم فيتبعونه حتى توفاه الله واختار له ما عنده صلى الله عليه و سلم ثم قام من بعده أتبع الناس له من أمته ممن ولى الأمر من بعده فما نزل بهم مما علموا أنفذوه وما لم يكن عندهم علم فيه سألوا عنه ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا في ذلك في اجتهادهم وحداثة عهدهم فإن خالفهم مخالف أو قال امرؤ غيره أقوى منه وأولى ترك قوله وعمل بغيره ثم كان التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل ويتبعون تلك السنن فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهرا معمولا به لم أرَ خلافه للذي في أيديهم من تلك الوراثة التي لا يجوز لاحد انتحالها ولا ادعاؤها ولو ذهب أهل الأمصار يقولون هذا العمل ببلدنا وهذا الذي مضى عليه من مضى منا لم يكونوا من ذلك على ثقة ولم يجز لهم من ذلك مثل الذي جاز لهم فانظر رحمك الله فيما كتبت إليك فيه لنفسك .

واعلم أني لأرجو ألا يكون دعائي إلى ما كتبت إليك إلا النصيحة لله والنظر إليك والظن بك فأنزل كتابي منك منزله فإنك إن تفعل تعلم أني لم آلك نصحا وفقنا الله وإياك بطاعته وطاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم في كل أمر وعلى كل حال والسلام عليكم ورحمة الله ورضي الله عنه ) أهـ ..

قال القاضي عياض في " ترتيب المدارك " عن رسالة مالك إلى الليث : ( وهي - يعني الرسالة - صحيحة مروية ) أهـ ..

لنعيش مع هذه الآية!


كثيرٌ منا قد ينخدعُ بحاله وثناء بعض من حوله عليه...


إذا رأيت العبد يسرف في الخطايا، وهو يضحك، فاعلم...


د.عائض بن عبد الله القرني 

إذا رأيت العبد يسرف في الخطايا، وهو يضحك، فاعلم أن عاقبته وخيمة، إن لم يتداركه الله برحمته.انتهى كلامه

حقيقة هذا الكلام هو امتداد لكلام الأئمة والعلماء , وهو تحذير لمن إطمئن لحاله وانغماسه فى شهواته وذنوبه ولم يتدارك نفسه ويرجع لربه وانخدع بطول الأمل واستند على حلم الله ولم يخشى غضبه وكما قال أحد العلماء: إن من العقوبة ألاّ تحس بالعقوبة , وأشد من ذلك أن تفرح بالعقوبة وذلك والعياذ بالله من استدراج الله عز وجل لك.

عبدالسلام التريكى

اقوال ماثورة للامام مالك فى العلم:





إن قوماً يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلاً...



من علامات المسلم قوة دين، وجزم في العمل وإيمان في يقين...


See Translation

من الكبائر تعميم خطأ الفرد على قبيلته أو بلده



سليمان بن مهران الأعمش


سيرة أعلام الأمة

سليمان بن مهران الأعمش

إنه الامام الأعمش , أحد أساطين العلم والحديث , شيخ المقرئين والمحدثين, والذى قلما يعرفه عامة الناس فأحببت أن أنقل بعضاً سيرته والله لى التوفيق.

عبدالسلام

"نسبه ونشأته

هو سليمان بن مهران أبو محمد الأسدى الكاهلى، وكان مولده يوم استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب وذلك يوم عاشوراء في المحرم سنة ستين للهجرة، وأعده أصحاب الطبقات من الطبقة الرابعة من التابعين. وعاش الأعمش في الكوفة، وكان محدثها في زمانه.

أدرك الأعمش جماعة من الصحابة وعاصرهم ورأى أنس بن مالك وسمعه يقرأ ولم يحمل عنه شيئًا مرفوعًا وأرسل عن ابن أبي أوفى، وتعلم من أبي إسحاق وأبي صالح ومن زيد بن وهب، وسمع من المعرور بن سويد وأبا وائل شقيق بن سلمة وعمارة بن عمير وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير ومجاهد بن جبير وإبراهيم النخعي والإمام الزهري.

من أهم ملامح شخصيته
تواضعه رغم غزارة علمه

كان الأعمش يسمَّى المصحف من صِدقِهِ، وحدّث عنه أمم لا يحصون، إلا أنه كان متواضعًا شديد التواضع، ولقد جاءه رجل يسأله عن مسألة في العلم، وعنده أبو حنيفة - وهو من تلامذته - فقال لأبي حنيفة: أجبه. فأجابه، فقال له: و من أين لك هذا؟ قال: من حديث حدثتَنيه هو كذا وكذا. فقال الأعمش: حسبك ما حدَّثتُكَ به في سنة تحدِّث به في ساعة، أنتم الأطباء و نحن الصيادلة.

جرأته في الحق

وكان الأعمش جريئًا في الحق لا يخشى لومة لائم وإن عرضه ذلك للتلف أو الهلاك، ولقد بعث إليه هشام بن عبد الملك قائلاً له: أن اكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علي؟ فأخذ الأعمش (رحمه الله) القرطاس وأدخله في فم شاة فلاكته، وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك. فقال له الرسول: إنه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه بإخوانه، فقالوا له: يا أبا محمد! نجه من القتل، فلما ألحوا عليه كتب له: بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي مساوئ أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك.

زهده في الدنيا

ولقد كان الأعمش زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة، أدان نفسه وعمل لما بعد الموت، لم يغتر بزينة الحياة الدنيا ومتاعها، فعاش زاهدًا معتزًا بعلمه ولو رأيته لظننته سائلاً لما عليه من ثياب رث، ويقول ابن عيينة: لو رأيت الأعمش وعليه فرو غيظ وخفان غليظان كأنه إنسان سائل فقال: يومًا لولا القرآن وهذا العلم عندي لكنت من بقالي الكوفة، ورغم ذلك إلا أن الأغنياء رغبوا في علمه وزهد هو في دنياهم مما جعلهم يقبلون عليه ويتعلمون منه، يقول عيسى بن يونس: لم نر نحن مثل الأعمش وما رأت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته.

عزة نفسه

ورغم فقره وما كان يعانيه في حياته إلا أنه كانت لديه عزة نفس فلم يأكل بدينه أو بعلمه، ولم يجعل علمه قصصًا يرويها لمن طلب منه، بل كان ينظر إلى ما عنده من علم على أنه شيء ثمين لا يُؤخذ إلا بحقه، ولما دخل على ابن هبيرة طلب منه أن يُحدث فقال له: لست بقاص، فلم يكن علمه ليحدث به عند الأمراء؛ بل الأولى أن يذهبوا إليه ليتعلموا منه، ويحدثهم.

علمه

وكان الأعمش عالمًا شهد له بذلك علماء عصره وقال عنه سفيان بن عيينة سبق الأعمش أصحابه بخصال: كَانَ أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلم بالفرائض، وقال المغيرة: لما مات إبراهيم رأينا أن الذي يخلفه الأعمش فأتيناه فسألناه عن الحلال والحرام فإذا لا شيء فسألناه عن الفرائض فإذا هي عنده، قال: فأتينا حمادًا فسألناه عن الفرائض فإذا لا شيء فسألناه عن الحلال والحرام فإذا هو صاحبه، قال: فأخذنا الفرائض عن الأعمش وأخذنا الحلال والحرام عن حماد.

ورغم علمه وسعة معرفته إلا أنه وصف بالتدليس؛ وصفه بذلك الكرابيسي والنسائي والدار قطني وغيرهم، وفي دراسة أجراها الدكتور خالد بن عبد الله بن سبيت السبيت بعنوان "الاختلاف على الأعمش في كتاب العلل للدار قطني(تخريج ودراسة)" قال فيها:

"الأعمش موصوف بنوعين من التدليس هما تدليس الإسناد وتدليس التسوية:

فأما تدليس الإسناد فتبين لي من خلال العينة التي شملتها الدراسة أن تدليس الأعمش قليل وهو مفهوم كلام أهل العلم وعين ما فعله الحافظان العلائي، وابن حجر العسقلاني إذا وضعاه في المرتبة الثانية.

وأما تدليس التسوية فلم أقف في حديث من أحاديث الدراسة على حديث دلس في هذا النوع من التدليس، وهذا دالٌ على ندرة وقوع هذا النوع من التدليس منه".

وكان الأعمش عابدًا ناسكًا، لم يؤثر عنه أنه ضيع فرائض الله أو أهمل فيها؛ بل روي أن الأعمش ظل ما يجاوز من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، ومما روي عنه أنه ظل قريبا من ستين سنة ما قضى ركعة، وكان يحيى القطان يقول إذا ذكر عنده الأعمش: كان من النساك وكان محافظًا على الصلاة في الجماعة وعلى الصف الأول.

مزاحه ومرحه

وهو علاّمة الإسلام وَكَانَ صاحب سنّة ومع جلالته فِي العلم والفضل صاحب مُلح ومزاح ومن ذلك ما وقع بينه وبين زوجته من وحشة فسأل بعض أصدقائه من الفقهاء أن يرضيها ويصلح بينهما، فدخل إليها وقال: إن أبا محمد شيخ كبير، فلا يُزهدنك فيه عمش عينه، ودقة ساقيه، وضعف ركبتيه، ونتن بطنه، وبخر فمه، وجمود كفه! فقال له الأعمش: قم، قبحك الله، فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه.

وقال أبو حنيفة للأعمش وقد أتاه عائدًا له في مرضه: لولا أن أثقل عليك يا أبا محمد، لعدتك والله في كل يوم مرتين. فقال له الأعمش: والله يا ابن أخي، أنت ثقيل علي وأنت في بيتك، فكيف لو جئتني في كل يوم مرتين.

وقال لابنه: اذهب فاشتر لنا حبلاً يكون طوله ثلاثين ذراعًا، فقال الولد: يا أبتي في عرض كم؟ قال: في عرض مصيبتي فيك!

سرعة بديهته

وكان الأعمش صاحب عقل وحكمة وصفه بذلك زهير بن معاوية فكان يقول: ما أدركت أحدًا أعقل من الأعمش والمغيرة. وكان ذا بديهة سريعة وقد حدث أن خرج الأعمش ذات يوم من منزله بسحر، فمرَّ بمسجد بني أسد وقد أقام المؤذّن الصلاة، فدخل يصلّي، فافتتح الإمام الركعة الأولى بسورة البقرة، ثم في الركعة الثانية سورة آل عمران. فلما انصرف قال له الأعمش: أما تتقي الله؟ أما سمعت حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "مَنْ أَمَّ الناسَ فَلْيُخَفِّف، فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة"؟ فقال الإمام: قال الله عزَّ وجَلّ: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}. فقال الأعمش: فأنا رسول الخاشعين إليك بأنك رجل ثقيل الظل!

وقد أراد إبراهيم النخعي ذات مرة أن يماشيه وكان أعور، فقال له الأعمش: إن رآنا الناس معًا قالوا: أعور وأعمش؛ فقال النخعي: وما عليك أن يأثموا ونؤجر؟! فقال له الأعمش: وما عليك أن يسلموا ونسلم؟.

من كلماته
ومما أثر عنه أنه كان يقول: إني لأحب أن أعافى في إخواني؛ لأنهم إن بلوا بليت معهم؛ إما بالمواساة وفيها مؤونة، وإما بالخذلان وفيه عار.

وفاته
عاش الأعمش حتى سنة تسع وأربعين ومائة وفيها كانت وفاته ودخل عليه أبو بكر بن عياش في مرضه الذي توفي فيه فقلت: أدعو لك طبيبًا فقال: ما أصنع به فوالله لو كانت نفسي في يدي لطرحتها في الحش إذا أنا مت فلا تؤذنن بي أحدًا واذهب بي فاطرحني في لحدي.

قال ابن كثير في البداية والنهاية.وفي سنة ثمان وأربعين ومائة توفي سليمان بن مهران الأعمش أحد مشايخ الحديث في ربيع الأول منها. وجاء في تاريخ بغداد" سليمان بن مهران الأعمش مات سنة تسع وأربعين ومائة وكان ثقة ثبتا في الحديث والله أعلم".

منقول للفائدة