السبت، 9 يونيو 2012

رحلة الوداع لحبيبى والدى رحمه الله



رحلة الوداع لحبيبى والدى رحمه الله                                              

فى بداية شهر اغسطس من عام ٢٠١٠ خرج الوالد رحمه الله يوم الجمعة لدرسه المعتاد فى مسجده المحبب لقلبه والذى درسَّ فيه لما يزيد عن ٥٥ عاما مسجد الناقة بطرابلس وأعطى فيه درسه الأخير وكان لقائه الأخير بمن أحبهم وأحبوه ولم يكونوا يعلمون أنهم سيفارقون من تعودوا على ابتسامته واسلوبه المميز لأكثر من خمسة عقود ولكن الله عز وجل له الحكم والأمر.

عاد رحمه الله من درسه يوم الجمعة ولم يكن مرض الموت قد بدأ ينتشر فى جسده ولكن يوم السبت كان بداية مرض الموت واشتد به المرض فى الأيام التالية مما اضطر اخوانى أن ينقلوه لمستشفى طرابلس المركزى فى قسم العناية ولكن اشتد المرض ودخل فى غيبوبة ولم يجدى العلاج مما تطلب نقله لألمانيا واستمر فى غيبوبته لثلاثة أشهر ونصف وكنا نرجو أن يفيق ويرجع الينا لننعم بقربه ونجد بركة دعائه ونأنس بجواره ولكن كان قدر الله وحكمه وأراد الله عز وجل أن تصعد روحه الطاهرة اليه ليلة الجمعة من الخامس عشر من شهر اكتوبر ٢٠١٠.

كنت انتظر افاقته حتى أتمكن من اكحل عينى برؤيته والتمس دعائه الذى كان لاينقطع عنى والذى كنت أجد أثره فى كل خطوة أخطوها فسافرت اليه من كندا فى نهاية شهر سبتمبر ٢٠١٠ وكنت اتوقع افاقته ووصلت الى المستشفى برفقة اخى الحبيب ابوبكر ورفيقة دربه والدتى الحبيبة امد الله فى عمرها بالصحة والعافية فوجدته فى العناية فى غيبوبته لكن كانت نظارة وجهه لم تفارقه كما عهدته وطلبت مقابلة الطبيب المعالج فاخبرنى ان غيبوبته قد تستمر ولكن لم أفقد الأمل وقلت له حدث مثل هذا فى مرضه الأول عام ٢٠٠٠ ولكن أفاق وعاد الينا وفى آخر يوم عزمت فيه على الرحيل لظروف العمل وان الغيبوبة قد تطول دخلت عليه الحجرة وعانقته بحرارة وقبلت رأسه وجبينه وتحرك رأسه وحرك عينيه ونزلت دموعه فاحسست بانه يودعنى واختلطت مشاعرى بين الأمل والألم وشعرت فى نفس الوقت اننى لن اراه مرة أخرى ومع ذلك أخبرت اخوانى واحبابه باننا نشعر بتحسنه.

وبعد اسبوع رجعت لكندا وفى ليلة الجمعة وكانت الواحدة صباحا فى كندا اخبرنا اخى ابوبكر ان الله استرجع أمانته وصعدت روحه لجوار من أحب ولمن سجد ولمن علم وجاهد فيه ولمن كان يخشاه ويرجو رحمته.

كان دعائه ورغبته أن نجتمع جميعا فى وفاته وكان ماتمنى ففى ساعات معدودة اجتمعنا جميعا وحظرت تغسيله وأخبرنى من غسله ان الابتسامة كانت على وجهه وشهد بها الصالحون وكانت آخر مكالمة بينى وبينه ان دعا لى وقال لى انه يشعر ان اجله اقترب وانه يتمنى رؤيتنا قبل الفراق فمن الله علىّ ان طلبت رضاه واجتمعت به وودعته ولعل الله يجمعنا به مرة أخرى فى دار الكرامة آمين

الجنازة

كنا نسعى ان تكون جنازته كما أوصى وكما كان يعلم الناس طيلة حياته المباركة على السنة من سكينة وهدؤ وتم بحمد الله وجاءت الجموع التى لم نكن نتوقعها من مدن عدة لأن خبر الوفاة جاء فجأة وسريعا ولكن انتشر الخبر فى ساعات قليلة وحظر مايقارب ١٥٠٠٠-٢٠٠٠٠ كما اخبرنا من قدروا العدد وقالوا لم نشهد جنازة مثلها منذ اكثر من ١٥ عاما وحظر كثير من العلماء ومحبيه وابلغناهم بوصيته وصلى عليه اخى الشيخ اسامة كما اوصى وانزلته انا واخوتى فى قبره وودعناه ولم اشعر الابصبر فوق ماكنت اتوقع وسلمنا الأمانة لصاحبها.

ولكن وان فارقنا جسده فان علمه وسيرته ماتزال تصاحبنا كل يوم وأملنا أن يجمعنا به المنان فى جنة الفردوس.

ابنه المحب عبدالسلام مصطفى التريكى
3-يونيو-2012

See Translation

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق