السبت، 9 يونيو 2012

رفقا باالعلماء!

كنت فى حديثٍ عن الذكريات , مع الوالد رحمه الله تعالى فى سنة ٢٠٠٠, فى فترة مرضه الأول, وسألته عن فترة الملك إدريس-رحمه الله تعالى- فذكر لى بعض المحاسن وبعض الأخطاء , كأمثلة , من ضمن المحاسن وأهمها , هيبة العلماء عند الدولة , فذكر رحمه الله أن شيخ الجامعة السنوسية فى تلك الفترة , إعترض على صدور قرارٍ لمجلس الوزراء ومرسوم ملكى , وقد رآى شيخ الجامعة السنوسية آنذاك القرار الوزارى والمرسوم الملكى الموافق له , مخالفا للشريعة-لاأذكر التفصيل- فتوجه شيخ الجامعة لرئيس الوزراء , ليشرح له أمر المخالفة , فرفض رئيس الوزراء وتعنت وقال هذا صدر به مرسوم ملكى ولايمكن الرجوع , فخرج الشيخ مغضبا , وقدم استقالته , فعلم الملك إدريس بالأمر , فألغى المرسوم الملكى المخالف للشريعة. فقال الوالد-رحمه الله- كانت للعلماء هيبة فى الدولة وبين العامة بالرغم من كل المآخذ والأخطاء فى تلك الفترة.

وأما حالنا اليوم , ومانراه من تجرأ على العلماء , فضلا عن الشريعة , ممن ليسوا من أهل العلم , وممن لم يعرفوا قدرهم ويدركوا فضلهم.

وما تجرؤا الدهماء , وأشباه طلبة العلم على شيخنا ومفتينا , الشيخ الفاضل الصادق الغريانى , إلامثال صارخ على تدهور حال أمتنا , فأمة لاتحترم علمائها , أمة بلاروح , وأمة بلاخلق. ولكن الحمد لله من يفعل هذا قلة ممن لم يتربوا بين أيدى العلماء الربانيين , ولم يقرؤا كتب العلم والأدب.

فقدر العلماء عند الله عظيم , وهم ورثة النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهم حملة وحماة الدين , وهم من يذبون عن عرض النبي - صلى الله عليه وسلم- وعن عرض أصحابه , وهم من يعلمون الناس الخير.

ترى أحد هؤلاء الشاتمين , يشغل ليله ونهاره , بالبحث عن عيوب العلماء وأخطائهم , ونشرها بين العامة وتضخيمها , ليشفى غليله ويسمع فى ذلك العالم مايطفئ ناره!

وإذا التفت الى حياة هؤلاء الشاتمين , فتجد أنهم عن العلم بعيدون , وعن العبادة مشغولون , وعن سيرة السلف تائهون , شيخهم من يشتم الفضلاء , ويقع فى أعراضهم , ويسئ الظن بهم. فتراهم يتعصبون لشيخهم الشاتم ويجعلونه إمام عصره , ولو لم يعرف بعلم ولادعوة , ولايقولون إلابقوله ولايفكرون إلابفكره!

فقد وصل الطيش ببعضهم أن اتصل بأحد العلماء الأفاضل وسأله عن فتوى للمفتى-بارك الله فى عمره وعلمه- يعلم أن الشيخ خالف فيها ذلك العالم الفاضل , ليسجل ردا للشيخ المسؤل يكون فيه إنتقاصا وتجريحا لمفتينا كما يظهر من التسجيل. فهل هذا خلق طلبة العلم! حاشا والله , فلو قراء هؤلاء كتب الخلاف الفقهى , وكتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية وغيره , لما فعلوا مافعلوا , ولقبلوا جبين الشيخ الغريانى بدل أن يطعنوا فيه.

إنهم لم يسلم منهم أحد , وحتى أنهم , انقلبوا على بعض شيوخهم الذين كانوا يستدلون بهم , عندما لم يكتفوا بطعنهم وتجريحهم. فهذا داء , لايشفى منه الاالله.

ولست هنا أدعو لغلوٍّ فى العلماء , ولاأدعولتقديسهم , ولاأدعو لعصمتهم , فديننا وسط بين هؤلاء وهؤلاء.

كان ابن تيمية رحمه الله يرد على كبار أهل البدع والانحراف , وممن لم يعرفوا بسنة , ويتلطف معهم ويذكر محاسنهم , ويبين أخطائهم , ويرد عليهم , وينصحهم , أملا فى رجوعهم للحق , وكان يقول:وأنا أبعد الناس من أن أفسق أو أبدع معينا .

ولكن مانراه اليوم من استباحة العلماء والتطاول عليهم , ليس للنقاش والنصح , بل للقذف والسب.

أقول أحفظوا قدر علمائكم , يحفظ الله لكم هيبتكم فى وجه عدوكم.

وان أخذتم باسلوب , الجرح والجرح , فلن يسلم لكم الارسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمن كان يحب العلماء ويريد لهم الخير , ويريد نصحهم , فليراسلهم فى السر وينصحهم بحب وأدب , فسيجد منهم كل خير , وهم بشر , وليسوا بمعصومين.

ولاأحب أن يستغل بعض الناس كلامى للطعن فى طائفة أخرى , فالتعصب مذموم للفرد , ومذموم للحزب , ومذموم للنفس. فالساحة للأسف مملؤة بالمتعصبين الذين لايرون أحدا يقول الحق الاشيخهم , وهناك من يرى الحق لايكون الافى حزبه وجماعته , فلايقرأ الالشيوخ حزبه وجماعته , ولايرى عالما الامن تزكيه جماعته او حزبه , فلاوسطية الا وسطية جماعته!

فوجب أن نعرف لعلمائنا قدرهم , ونستر عيوبهم , وأن ننصح لهم بالمعروف , ونجبر كسرهم ونقيل عثراتهم.

بارك الله لنا فى علمائنا وحفظ لنا مفتينا الشيخ الصادق بن عبدالرحمن الغريانى ونفعنا بعلمه وبشيخنا حمزة أبوفارس وسائر علمائنا ومشائخنا.

كتبه أخوكم عبدالسلام مصطفى التريكى , ٩ يونيو ٢٠١٢

لاتنسونى من صالح دعائكم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق