الخميس، 16 أغسطس 2012

البلاء والإبتلاء


  البلاء والإبتلاء

كثيرا ما نرى الخلط  بين الناس فى أمر البلاء والإبتلاء , هل هو إنتقام وعقوبة من الله عز وجل أم هل هو رحمة وتكفير ذنوب!؟

الخلط ناشئ من عدم فهم حقيقى لسنة الله عز وجل الكونية والشرعية فى الإبتلاء.

الحقيقة الموضوع طويل ولكن أحاول أن أقتصر على بعض المفاهيم الأساسية للتفريق بينهما. لكن قبل ذلك لابد أن نميز بين مايخص العبد ومايخص الله عز وجل.  كثيرا ما ينشأ هذا الخلط لأننا نتجاوز حدودنا البشرية ونتطاول على مايختص به الله عز وجل من أمر العباد, فمثلا عندما نرى بعض الناس مبتلين بشئ ما من مرض أو مصيبة فقدان حبيب أو فقدان مال أو فقدان منصب أو تأخر فى أمر من أمور الدنيا من دراسة أوزواج أوتحصيل..... فإننا نتجاوز حدودنا ونشخص حال ذلك العبد على أنه إنتقام إلهى إذا كان ذلك الشخص مبغوضا لدينا لأمر شخصى ونظهر التشفى فيه ونشنع عليه أمام الناس وقد يكون ذلك الشخص من أهل الدين وأن الله عز وجل قد ابتلاه لتكفير ذنوبه ولرفعة درجته ولكن للحسابات الشخصية والعلاقات البشرية نصدر أحكاما عكسية , وهى فى حقيقة الأمر تطاول على مايختص به المولى عز وجل من إصدار احكام على البشر. وتجد أحيانا نفس الشخص الذى أصدر حكما على ذلك المبتلى , هو نفس الشخص الذى يصدر حكما مغايرا على شخص آخر بينهما مودة وقد يكون عدوا لله , فاذا رآه مبتلا وقد يكون فى عقوبة فيقول عنه أنه مسكين وهو مبتلى لتكفير ذنوبه!!!

فإذا كان الواحد منا يصدر أحكامه بدون علم ويبنيها على علاقته الشخصية بذلك الشخص بغض النظر عن حقيقة ذلك المبتلى , فيكون هذا هو الظلم والتعدى على حقوق المولى عز وجل.

فما هو الفارق بينهما!؟

الفارق الأساسى يكون بمعرفة حال العبد مع ربه قبل وبعد الإبتلاء , فإن كان المبتلى أو من وقعت عليه المصيبة بمختلف أشكالها قبل نزول المصيبةعاصيا أو مذنبا أو محسننا ثم بعد نزول البلاء أصبح ساخطا وجزعا وشاكيا ربه وفاقدا للصبر , فذلك والعياذ بالله من وقعت عليه العقوبة ومن وقع عليه سخط البارئ عز وجل ومن وقع عليه البلاء فوق البلاء.

أما من كان حاله بعد وقوع البلاء صابرا محتسبا , قريبا من ربه متضرعا اليه ونادما على ماسبق وراجيا رحمته , فذلك هو العبد الذى أراد الله به خيرا ووفقه للصبر والشكر , وذلك هو العبد الذى تكفر عنه خطاياه بإذن الله تعالى , سواء كان قبل وقوع البلاء مذنبا أو مطيعا فيما يظهر للناس. ولعل من أجمل ما قرأت فى هذا بعد كلام المولى عز وجل وحديث النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم , هو ماذكره ابن القيم فى كتابه النافع , طريق الهجرتين , حيث ذكر كلاما نفيسا فى التفريق بين الحالتين عند وقوع البلاء على العبد, فقال: فإن صبر , صار البلاء فى حقه نعما عديدة , وإن سخط صار البلاء فى حقه بلايا عديدة ومابين هاتين المنزلتين إلاصبر ساعة وتشجيع القلب فيها (نقتله بتصرف حسب ما أذكر).

وأسأل الله أن يجعلنى وإياكم من الصابرين والمحسنين.

أخوكم عبدالسلام مصطفى التريكى

http://ameltriki.blogspot.ca/

لاتنسونى من صالح دعائكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق