الجمعة، 10 أغسطس 2012

مقتطفات من كتاب الاعتصام للشاطبي


مقتطفات من كتاب الاعتصام للشاطبي

قال الشاطبى رحمه الله:

'' فكنت على حالة تشبه حالة الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة الحافظ مع أهل زمانه إذ حكى عن نفسه فقال : عجبت من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني والأبعدين ، والعارفين والمنكرين ، فإني وجدت بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر ما لقيت بها موافقاً ومخالفاً ، دعاني إلى متابعته على ما يقوله ، وتصديق قوله والشهادة له ، فإن كنت صدقته فيما يقول وأجزت له ذلك - كما يفعله أهل هذا الزمان - سماني موافقاً ، وإن وقفت في حرف من قوله أ

و في شيء من فعله سماني مخالفاً !

وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد سماني خارجياً ، وإن قرأت عليه حديثاً في التوحيد سماني مشبهاً ، وإن كان في الرؤية سماني سالمياً ، وإن كان في الإيمان سماني مرجئياً ، وإن كان في الأعمال سماني قدرياً ، وإن كان في المعرفة سماني كرامياً ، وإن كان في فضائل أبي بكر وعمر سماني ناصبياً ، وإن كان في فضائل أهل البيت سماني رافضياً ، وإن سكتّ عن تفسير آية أو حديث فلم أجب فيهما إلا بهما سماني ظاهرياً ، وإن أجبت بغيرهما سماني باطنياً ، وإن أجبت بتأويل سماني أشعرياً ، وإن جحدتهما سماني معتزلياً ..

وإن كان في السنن مثل القراءة سماني شفعوياً ، وإن كان في القنوب سماني حنفياً ، وإن كان في القرآن سماني حنبلياً ، وإن ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخبار - إذ ليس في الحكم والحديث محاباة - قالوا ( طعن في تزكيتهم ) ..

ثم أعجب من ذلك أنهم يسمونني فيما يقرؤون علي من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشتهون من هذه الأسامي ، ومهما وافقت بعضهم عاداني غيره ، وإن داهنت جماعتهم أسخطت الله تبارك وتعالى ، ولن يغنوا عني من الله شيئاً ، وإني مستمسك بالكتاب والسنة 
" انتهى كلامه رحمه الله.

كلام يكتب بماء الذهب للامام العَلَم , الشاطبى -رحمه الله- فى كتابه البديع , الاعتصام , وهو يصف بدقة حال أغلب الناس فى ميولهم وأهوائهم بما يمكن أن يطبق على واقعنا المعاصر. فهذا يلمسه كل من جرب مخالطة الناس ونُصحهم , سواءٌ كان عالما أو طالب علمٍ أو داعية أو ناصحا, فاذا قال مايوافق هوى السامعين , صار مبجلاً عندهم وتضرب له الاسماء والالقاب , وإذا خالفهم فى هواهم ولو بكلمة , صار منحرفا ضالا عندهم وان وافقهم الدهر كله!

عبدالسلام مصطفى التريكى

See Translation

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق