الجمعة، 14 سبتمبر 2012

ذكرياتى مع الوالد رحمه الله تعالى -المقال الثالث عشر- يمحق الله الربا ويربي الصدقات


ذكرياتى مع الوالد رحمه الله تعالى -المقال الثالث عشر-

يمحق الله الربا ويربي الصدقات

عندما أمر الطاغوت القذافى بالقبض على الوالد رحمه الله فى بداية الثمانينات ١٩٨١, وقد جاءت عصابة القذافى الى بيتنا , وكنت طفلا صغيرا , ولكن مازالت أذكر ذلك اليوم , ولاأعتقد أنه سيزول من ذاكرة أى أحد من عائلتى , وهو نفس اليوم الذى تم القبض فيه على تلميذ الوالد , الشيخ المجاهد , محمد البشتى رحمه الله , وذكر الوالد أنه وجد الشيخ البشتى فى نفس الحجرة التى حققوا فيها معه , وقام أحد زبانية الطاغية ب
حرق لحية الشيخ البشتى بقداحة , ثم فُرِّق بينهما.

وذكر لى رحمه الله أنه أُخذ لمقابلة الطاغوت القذافى , وأن القذافى أخذ يتوعد الوالد رحمه الله , وأراد قطع لسانه , وفى شهر يوليو الماضى أخبرنى أحد رفقاء الوالد وأحبابه أنه علم ببعض التفاصيل عن ذلك اللقاء فى السجن بين الوالد والطاغوت القذافى , وأن الأخير كان يعتزم قطع لسان الوالد , وتم إحضار طبيب لتلك المهمة ليعاقب الوالد على صدعه بالحق فى وجه الطاغوت , وأتحفظ عن باقى التفاصيل حتى التثبت من مصادرها , فهى شهادة أمام الله ثم التاريخ , ولكن أذكر ماحدثنى به الوالد أو ماقد تأكدت من مصادره. واشترط الطاغوت القذافى على الوالد شروطا , إذا رغب فى العودة للتدريس , فرفض الوالد الشروط , وقال للطاغوت , إذا أردت أن تمنعنى من التدريس فامنعنى , ولكن لاأرجع للدروس باى شرط.

وكان من ضمن الشروط وأهمها التى ذكرها الطاغوت للوالد , هى أن لايصلى على النبى صل الله عليه وسلم عندما يذكره (هذا ماذكره لى الوالد حرفيا) والَّا يفتى بحرمة الربا والتأمين وألَّايصلى فى المسجد وألَّايلقى دروسا فى الجُمع ولاالمناسبات , وغيرها من التفاصيل التى ستكشف باذن الله تعالى فى حينها.

فقضية الربا كانت من أكثر القضايا التى تثير الطاغوت القذافى , وحدث جدال بينه وبين الوالد أكثر من مرة. فقد كان رحمه الله لايتهاون فى موضوع الربا , بل ظل يفتى حتى بعد خروجه من السجن , وسألته يوما , لماذا تفتى الناس على الهاتف , وأنت تعلم أنهم يسجلون لك كل مكالماتك وقد حذرك القذافى من الفتوى للناس وخصوصا موضوع الربا , وأنت معذور , فقال لى:لن أصمت وسافتى مادام الناس يسألون!

وحَزمُه فى موضوع الربا يعرفه العامة والخاصة فى ليبيا , وعذرا على الاطالة , ولكن سأذكر حادثتين على فتواه بحرمة الربا بكل أشكاله , وقد أثرتا فى ذاكرتى , وسأسردهما كمثالين وإلافعندى قصص كثيرة فى هذا الموضوع .

أولهما , كانت فى نهاية الثمانينيات تقريبا , فقد جاءه سائل , وذكر له ظروفه المعيشية , وكبرحجم عائلته وقلة حيلته , وأنهم يسكنون فى بيت متواضع , ويرغب فى الزواج وليس له من حيلة , إلا أن يأخذ قرض ربوى , فقال له الوالد: أتستطيع أن تبنى كوخا من الزنك (براكة) , فاستعجب الرجل وقال:نعم ياشيخ ولكن... فقال الوالد لايجوز أن تأخذ درهم ربا إلاللضرورة التى تشرف بها على الهلاك , وهذه ليست ضرورة!

الحادثة الثانية , كانت فى سنة ٢٠٠٧ عندما كنت أسكن في بيت فى كندا, واردت الانتقال الى شقة للايجار , وبحثت كثيرا فى المنطقة التى أريد السكنى فيها , وكان الوقت ضيقا جدا لاخلاء البيت , وكان البحث عن مكان آخر بالسعر والمكان المناسب أمرا عسيرا فى فترة الموسم , ووجدت شقة مناسبة ولكن اشترطوا عليّ ان أدفع تامين على البيت والاثاث , وأن يُنَصَّ عليه فى العقد , فاتصلت به وأخبرته بظروفى , وضيق الوقت وأننى لابد ان اجد مكانا بسرعة , ويصعب بدون دفع التامين على البيت , فقال لى:ومن يتق الله يجعل له مخرجا , وابحث ولايجوز ان توقع العقد مادام ان هناك من يوقع العقد بدون هذا الشرط ولوكان الأمر عسيرا , فالغيت العقد وبدأت أبحث ويشاء الله عز وجل أن أجد مكانا أفضل , وعشت فيه أفضل الأوقات.

عذرا على الاطالة ولكن من باب الذكرى

كتبه إبنه عبدالسلام مصطفى التريكى

لاتنسونى من صالح دعائكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق