الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

حياة علمية ودعوية حافلة بالعطاء امتدت الى مايقرب من ٦٠ عاما



حياة علمية ودعوية حافلة بالعطاء امتدت الى مايقرب من ٦٠ عاما

1929-2010

توفى فضيلة الشيخ الفقيه مصطفى عبد السلام مصطفى التريكي في ألمانيا ليلة الجمعة الخامس عشر من اكتوبر ٢٠١٠ أثر معاناته لمرض عضال رحمه الله ووسع قبره والهم آله وذويه جميل الصبر والسلوان.

قدم الشيخ العديد من الاستشارات والدروس والعظة الدينية عبر وسائل الإعلام وبالمساجد ومن خلال محاضراته بالجامعات الليبية.

ولد بمدينة مصراته 1929 , وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ علي بن حسن المنتصر بزاوية البي بمدينة مصراته برواية قالون عن نافع وذلك في سنة 1946 م , وتلقى العلوم الشرعية في مبادئ الفقه والنحو على يد الشيخ محمد السهولي , كما تلقى علوم النحو والصرف والبلاغة والفقه بزاوية سيدي أحمد زورق بمدينة مصراته , كما تلقى الفرائض وغيرها من العلوم الشرعية حتى سنة 1948م.

التحق بمعهد البعوث الإسلامية (بالسنة الرابعة) بعد امتحان المعادلة , و بكلية الشريعة (بالسنة الثانية) بعد امتحان المعادلة تحصل على الشهادة العليا والتي تعتبر أعلى الشهادات بالأزهر الشريف في ذلك الوقت ( , ما يعادل الليسانس الآن , وتخصص في القضاء, وتلقى العلم في المجال القضائي على يد علماء أجلاء وعلى رأسهم فضيلة الشيخ محمود شلتوت في علم التفسير , والدكتور مصطفى الحفناوي في القانون الدولي العام , وتحصل على الشهادة العلمية (الأستاذية) من كلية الشريعة وهي أعلى شهادة في الأزهر الشريف في ذلك الوقت.
التحق بعدها بمعهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة، ودرس فيه علوم منها علم المقارنة بين الشريعة والقانون على يد مجموعة من العلماء العظام وكان على رأسهم
الدكتور عبد الرزاق السنهوري في مادة مقارنة علم القانون بالفقه الإسلامي , وفضيلة الشيخ محمد أبو زهرة في مادة الشريعة الإسلامية , و الذي كان وكيلا لكلية الحقوق في جامعة القاهرة سنة 1958م

انتخب الشيخ في سنة 1954 رئيسا للنادي الثقافي لطلبة ليبيا بالقاهرة وحد فيها بين طلبة برقة وطرابلس وبين الأزهريين والجامعيين في النادي.
عين الشيخ مصطفي في 12 فبراير 1958م قاضيا من الدرجة الأولى بمدينة الخمس بمرسوم ولائي واستقال في 24 فبراير 1958م قبل أداء اليمين وذلك عندما تم توحيد بين القضاء الشرعي والمدني , كما عين مدرسا بمعهد أحمد باشا الديني بمدينة طرابلس حتى سنة 1960 م,
و رئيسا لبعثة الحجيج الليبية في سنة 1960م واستمر في هذا الأمر حتى سنة 1980 م كما عين رئيسا لتحرير مجلة الهدي الإسلامي سنة 1961م , و أستاذا وعميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بالبيضاء وذلك سنة 1962م حتى سنة 1972م وفي هذه الأثناء أنتدب مدة مديرا عاما للجامعة الإسلامية بالبيضاء , وعين مدرسا بكلية التربية بجامعة طرابلس سنة 1972م ودرس مادة الحضارة الإسلامية بجميع كليات جامعة طرابلس, كما درس طلبة الدراسات العليا (الماجستير) في علم الفرائض وظل أستاذا جامعيا بجامعة طرابلس حتى تقاعد في سنة 1993 م.

شيخنا مملؤة بالمهام والأعمال التي تخدم الدين الإسلامي ونصرة الإسلام فقد درس بالحرمين الشريفين (المسجد الحرام – المسجد النبوي الشريف) لمدة 20 عاما في أيام الحج بعد حصوله على إذن بالتدريس من شيخ الحرمين الشريفين الشيخ عبد الله بن حميد , ألقى دروسا مسجلة بالإذاعتين المرئية والمسموعة في شؤون الحج وفقه العبادات ,كما ترأس في سنة 1965 م وفد طلابي من جامعة البيضاء لزيارة جمهورية مصر العربية وفلسطين , وكان ممثلا لليبيا في مؤتمر الرابطة الإسلامية بمكة المكرمة ضمن الوفد المكون من المفتي وشيخ الجامعة و شيخ الزوايا ,وترأس الوفد المكلف بحضور المؤتمر الإسلامي بالقدس الشريف ومنها زار الأماكن المقدسة الخليل و بيت لحم وغيرها وألقى بها بعض الدروس والمحاضرات وكان هذا بعد عام النكبة و ترأس وفدا للمؤتمر الإسلامي في باكستان وكان هذا المؤتمر لاختيار المخطوطات الإسلامية , ومثل ليبيا في عام 1968 بالمغرب في ذكرى مرور 14 قرن على نزول القرآن الكريم وكان ضيفا على الملك الحسن الثاني رحمه الله وألقى الدروس الحسينية بشهر رمضان المبارك , والقي في عام 1979 و1980 العديد من المحاضرات بالمركز الإسلامي في لوس أنجلس.

كان رئيس دائرة الوعظ والارشاد بالبيضاء لمدة ١١ عاما زمن الملك ادريس ورئيسا لبعثة الحج مدة ٢٠ عاما يدرس بالحرمين فى الموسم وعميد كلية الدعوة واصول الدين بالبيضاء وغيرها من المهام العلمية ,الى ان اوقف دروسه الطاغية ١٩٧٨ وسجنه ١٩٨٠ وصادر كل كتبه ودروسه.

هذا ودرس الشيخ مصطفى التريكي صحيح البخاري وعلم التوحيد والفقه والتفسير في مسجد بن نابي بمدينة طرابلس ,كما درس لمدة طويلة بجامع الناقة بالمدينة القديمة بطرابلس لمدة تزيد عن ٥٥ سنة.

كان مشاركا في المناسبات والاحتفالات الدينية و الاجتماعية وافتتاح المساجد في جميع أنحاء البلاد.

مسيرة كبيرة وجهود ضخمة قدمها شيخنا الجليل , اللهم اجعلها من ميزان حسناته قدم فيها العديد من الفتوى والدروس والعظة ونبه الناس الى التزود بدينهم الحنيف ترغيبا لهم لصالح الأعمال وحذرهم من التشويهات والشوائب التي قد تعترض تمسكهم بالدين .

كان يقدم دروسه باللغة الفصحى والعامة حسب المتلقي الذي أمامه, أحبه الليبيون كثيرا وتجمعوا في المساجد وأمام شاشات التلفاز لسماع حديثه كما تجمع المسلمون لسماعه أيضا والحرمين الشريفين .

توفى رحمه الله وترك لنا موسوعة زاد علمية أسلامية راقية وذات محتوى طيب ,نأمل من اللجهات المختصة أن تجمعا سواء عبر الكتب او المرئيات والسمعيات وتصدرها لتكون من ميزان حسناته وزاد للمسلمين في كل مكان .

إنا لله وأنا إليه راجعون , الهم أغفر له وتب عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق