وكم من عاصٍ سبقنا إلى الله!
نعم هذه حقيقة وواقع يُدركه كل من اشتغل بالدعوة وكل من استمع لقصص التائبين وقصص المسلمين الجدد من مختلف أديان الأرض.
كم من مذنبٍ ومُسرفٍ على نفسه بالمعاصى تاب إلى الله عز وجل وانقلب عصيانه إلى طاعة واسرافه على نفسه إلى إنابة وتقصيره إلى تشمير فى العبادة , فأصبح من الصالحين بعد أن كان من الطالحين وأصبح من الشاكرين بعد أن كان من الساخطين وأصبح من الدعاة لدين رب العالمين بعد أن كان من المحاربين للمهتدين.
لاشك أن وجود قانون صارم مستوحى من الشريعة
الغراء يردع العصاة والمعتدين وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ركن من أركان الدين وحفظ للدماء وأعراض المسلمين كما قال تعالى ((لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)).
ولكن مع كل هذا وذاك نجد أن كثيراً من هؤلاء العصاة التائهون مَنِ إنحرف لضروف أحاطت به من فقر وطلاق للأبوين وورفقة سيئة وبيئة منحرفة , وهذا ليس تبريراً لهم فكل مسؤل على قوله وفعله ولكن من باب النصيحة ونصرة للدين وحب الخير للآخرين وجب علينا دعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ورغبة فى رجوعهم للحق , ولذلك وجب علينا معرفة أسباب انحرافهم وعصيانهم ومعالجة المشكلة من أساسها لنكسبهم اخوانا لنا ونقلل منهم فى مجتمعاتنا ويصبحوا هداةً مهديين وهذا يحتاج لتكثيف الجهود والحكمة والصبر.
وقد يعتقد البعض أننى أقول كلاما مثاليا وغير واقعي , وأقول بالعكس تماما الواقع يؤيد ما ذكرته وذكره غيرى , فما عليك إلاأن تستمع لقصص الدعاة المخلصين امثال د. عبدالرحمن السميط والدعاة فى بلاد الغرب والمسلمين , فسترى عجبا وكيف ان الرفق والحكمة مع الكفار والمذنبين تقلبهم باذن الله الى موحدين ومستغفرين بل قد يسبقك أحدهم الى الدين ومرضاة رب العالمين.
المشكلة فى بلادنا كانت القبضة الحديدية لنظام الشر والعداوة لدين رب العالمين ورفض للدعوة والتنكيل بالمؤمنين فالدعوة جريمة وزندقة وافك مبين. ولو سردت ما عايشته واخوانى فى فترة التسعينيات وبعدها فى الجامعة وفى البلاد من محاربة منظمة لكل من يفكر فى تغيير نفسه ونصيحة غيره لألفت كتباً ولما وسع المقام.
فأرى من شكر الله على نعمته أن تكثف الجهود الفردية والجماعية لدعوة العصاة وغير المسلمين ونشر الخير بين الناس.
ولست هنا أرغب فى ذكر الأمثلة على وجود بذرة الخير عند كثير من هؤلاء العصاة ولكن بالمثال يتضح المقال. من القصص البسيطة ولكن المؤثرة والتى لاأنساها , كنت راجعا من بيت الله الحرام الى ليبيا فى منتصف التسعينيات قبل احداث ابوسليم واضطررت الى المرور بدولة اوروبية لأيام قليلة واستقبلنى احد الشباب بتوصية من صديق فأكرمنى واحتفى بى ولم اكن اعرفه وعندما جالسته أخبرنى بأنه ضابط فى الأمن الخارجى وأنه مسرف على نفسه فى المعاصى ويريد التوبة ولكن نتيجة للأوضاع الصعبة فى تلك الأيام والقبض على كل من يحمل تأشيرة الحج أو العمرة اعتقدت أن هذا الرجل يخدعنى ويريد ان يسئ الىّ ولم تكن لى تجربة سابقة بأمثاله وكان لى إخوان تلك الأيام قد قبض عليهم بمجرد رجوعهم لليبيا بعد الحج والعمرة وسجنوا فى أبوسليم فأحسست بالخوف منه ولكن قال لى أنه صادق فى كلامه وأخبرنى عن بعض الفضائع التى ارتكبها بأوامر من النظام. المهم لم يكن لى بُد فسايرته وكان قد أعد لى سكنا بتوصية من قريبه الذى لم يخبرنى بحقيقة امره فاسلمت امرى لله ودعوت الله أن يسلم وخرجنا معا الى السكن الذى اعده لى وقال اعرف انك لاتشرب الخمر ولاتسكن مع بعض العصاة فاعددت لك سكنا خاصا , واصدقكم القول لم ارتح لما قال ولم تفارقنى الشكوك ولكن ذهبت معه ومررنا فى طريقنا على شقة فيها شباب ليبيين -وهنا الشاهد- خمسة أو أكثر وبمجرد دخولى ولأول مرة فى حياتى أرى زجاجات الخمر والدخان وبعضهم فى حالة سكر فتضايقت وهممت بالخروج وجائنى أحدهم وقال لى أريد أن أتوب ولست راضيا عن حالى وليس لى الاامى واريد برها فادعو لى , فكان اسلوبه وكلامه مؤثر وشعرت بصدقه وندمه والآخر شاب فى ١٧ من عمره ووالده عنده محل فى وسط البلد وحكى لى سبب انحرافه ووالله استقبلونى استقبالا لم اتوقعه من مثلهم وبشوا وهشوا ورأيت الندم على محياهم ولازلت الى اليوم نادما على عدم دعوتهم والرجوع اليهم ولم أقل الا كلمات يسيرة لعل الله نفعهم بها. وبعد خروجنا انا ومضيفى من شقتهم سألته عن حالهم واخبرنى بضروفهم ثم دخلنا الشقة التى أعدها لى وجزاه الله كل خير لم يحوجنى لشئ وبعدها جاء وقت صلاة العشاء فقال أريد أن أصلى معك وألح فقام وصلى معى واذكر يومها قرأت شيئا من يس فبكى بكاءا حتى رحمته واشتد بكاؤه فاحسست بصدقه وندمت على انى قد أسأت الظن به واسال الله أن يجمعنى بهم فى جنة الفردوس.
إخوانى لم أسرد هذه القصة لأتكلم عن نفسى بل لقد كنت مقصراً كل التقصير ولم أقم بواجبى وسردتها للعبرة والفائدة العملية باذن الله والله من وراء القصد , فكم من أمثال هؤلاء ينتظرون كلمة محبة من أحدنا لتنتشلهم باذن الله من اوحال الرذيلة.
نفعنى الله وإياكم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدى صحبه ومن اهتدى بهداهم الى يوم الدين.
أخوكم عبدالسلام التريكى
لاتنسونى من صالح دعائكم
ولكن مع كل هذا وذاك نجد أن كثيراً من هؤلاء العصاة التائهون مَنِ إنحرف لضروف أحاطت به من فقر وطلاق للأبوين وورفقة سيئة وبيئة منحرفة , وهذا ليس تبريراً لهم فكل مسؤل على قوله وفعله ولكن من باب النصيحة ونصرة للدين وحب الخير للآخرين وجب علينا دعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ورغبة فى رجوعهم للحق , ولذلك وجب علينا معرفة أسباب انحرافهم وعصيانهم ومعالجة المشكلة من أساسها لنكسبهم اخوانا لنا ونقلل منهم فى مجتمعاتنا ويصبحوا هداةً مهديين وهذا يحتاج لتكثيف الجهود والحكمة والصبر.
وقد يعتقد البعض أننى أقول كلاما مثاليا وغير واقعي , وأقول بالعكس تماما الواقع يؤيد ما ذكرته وذكره غيرى , فما عليك إلاأن تستمع لقصص الدعاة المخلصين امثال د. عبدالرحمن السميط والدعاة فى بلاد الغرب والمسلمين , فسترى عجبا وكيف ان الرفق والحكمة مع الكفار والمذنبين تقلبهم باذن الله الى موحدين ومستغفرين بل قد يسبقك أحدهم الى الدين ومرضاة رب العالمين.
المشكلة فى بلادنا كانت القبضة الحديدية لنظام الشر والعداوة لدين رب العالمين ورفض للدعوة والتنكيل بالمؤمنين فالدعوة جريمة وزندقة وافك مبين. ولو سردت ما عايشته واخوانى فى فترة التسعينيات وبعدها فى الجامعة وفى البلاد من محاربة منظمة لكل من يفكر فى تغيير نفسه ونصيحة غيره لألفت كتباً ولما وسع المقام.
فأرى من شكر الله على نعمته أن تكثف الجهود الفردية والجماعية لدعوة العصاة وغير المسلمين ونشر الخير بين الناس.
ولست هنا أرغب فى ذكر الأمثلة على وجود بذرة الخير عند كثير من هؤلاء العصاة ولكن بالمثال يتضح المقال. من القصص البسيطة ولكن المؤثرة والتى لاأنساها , كنت راجعا من بيت الله الحرام الى ليبيا فى منتصف التسعينيات قبل احداث ابوسليم واضطررت الى المرور بدولة اوروبية لأيام قليلة واستقبلنى احد الشباب بتوصية من صديق فأكرمنى واحتفى بى ولم اكن اعرفه وعندما جالسته أخبرنى بأنه ضابط فى الأمن الخارجى وأنه مسرف على نفسه فى المعاصى ويريد التوبة ولكن نتيجة للأوضاع الصعبة فى تلك الأيام والقبض على كل من يحمل تأشيرة الحج أو العمرة اعتقدت أن هذا الرجل يخدعنى ويريد ان يسئ الىّ ولم تكن لى تجربة سابقة بأمثاله وكان لى إخوان تلك الأيام قد قبض عليهم بمجرد رجوعهم لليبيا بعد الحج والعمرة وسجنوا فى أبوسليم فأحسست بالخوف منه ولكن قال لى أنه صادق فى كلامه وأخبرنى عن بعض الفضائع التى ارتكبها بأوامر من النظام. المهم لم يكن لى بُد فسايرته وكان قد أعد لى سكنا بتوصية من قريبه الذى لم يخبرنى بحقيقة امره فاسلمت امرى لله ودعوت الله أن يسلم وخرجنا معا الى السكن الذى اعده لى وقال اعرف انك لاتشرب الخمر ولاتسكن مع بعض العصاة فاعددت لك سكنا خاصا , واصدقكم القول لم ارتح لما قال ولم تفارقنى الشكوك ولكن ذهبت معه ومررنا فى طريقنا على شقة فيها شباب ليبيين -وهنا الشاهد- خمسة أو أكثر وبمجرد دخولى ولأول مرة فى حياتى أرى زجاجات الخمر والدخان وبعضهم فى حالة سكر فتضايقت وهممت بالخروج وجائنى أحدهم وقال لى أريد أن أتوب ولست راضيا عن حالى وليس لى الاامى واريد برها فادعو لى , فكان اسلوبه وكلامه مؤثر وشعرت بصدقه وندمه والآخر شاب فى ١٧ من عمره ووالده عنده محل فى وسط البلد وحكى لى سبب انحرافه ووالله استقبلونى استقبالا لم اتوقعه من مثلهم وبشوا وهشوا ورأيت الندم على محياهم ولازلت الى اليوم نادما على عدم دعوتهم والرجوع اليهم ولم أقل الا كلمات يسيرة لعل الله نفعهم بها. وبعد خروجنا انا ومضيفى من شقتهم سألته عن حالهم واخبرنى بضروفهم ثم دخلنا الشقة التى أعدها لى وجزاه الله كل خير لم يحوجنى لشئ وبعدها جاء وقت صلاة العشاء فقال أريد أن أصلى معك وألح فقام وصلى معى واذكر يومها قرأت شيئا من يس فبكى بكاءا حتى رحمته واشتد بكاؤه فاحسست بصدقه وندمت على انى قد أسأت الظن به واسال الله أن يجمعنى بهم فى جنة الفردوس.
إخوانى لم أسرد هذه القصة لأتكلم عن نفسى بل لقد كنت مقصراً كل التقصير ولم أقم بواجبى وسردتها للعبرة والفائدة العملية باذن الله والله من وراء القصد , فكم من أمثال هؤلاء ينتظرون كلمة محبة من أحدنا لتنتشلهم باذن الله من اوحال الرذيلة.
نفعنى الله وإياكم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدى صحبه ومن اهتدى بهداهم الى يوم الدين.
أخوكم عبدالسلام التريكى
لاتنسونى من صالح دعائكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق