كما ذكرت سابقا أن الوالد رحمه الله عاش حياته صادعا بالحق الذى آمن به ولم يخضع للطاغوت القذافى بالرغم من كل محاولاته لاسكاته واذلاله وذكرت بعض ماشاهدته فى حياته من مواقف وعبر وكذلك ماسمعته منه وقد كان رحمه الله يرفض أن أذكرها فى حياته وأجاز لنا فى كتابتها بعد مماته وكان يقول: نسأل الله السلامة وحسن الختام.
فى زيارتى القريبة لبلادنا الحبيبة التقيت باحباب لى لم ارهم منذ زمن بعيد واذكر انى تذاكرت مع أحد أحبابى وجار لنا فى شارع الصريم وهو من طلبة العلم الذين أحسبهم على خير علما وخلقا كيف أن الله عز وجل بارك للوالد رحمه الله وبعض المشائخ الآخرين الذين ربما لم يَصِلوا بعلمهم الى درجة بعض العلماء فى البلاد الأخرى أو ربما وقعوا فى أخطاء علمية تأثرا بمشائخهم أو اجتهادا منهم , لكن عُرف من سيرتهم حبهم للسنة ونفاحهم عنها و بارك الله عز وجل فى علمهم ووقتهم ودعوتهم ونفع بهم خلقا كثيرا وجعل لهم بركة فى اعمارهم ونشر بهم الخير فى البلاد بما يكون شاهدا عليهم يوم الحشر. ومن جانب آخر نجد من يتشدقون بالعلم ويشتمون هذا ويجرحون هذا ويبدعون هذا , كأنما هم من سيدخل الخلق الجنة والنار , فلاتجد لهم بركة لافي البلاد ولافى العباد , إنما قذف وتجريح وضياع أعمار ,نسأل الله السلامة وحسن الختام.
كل من عاش فترة الطاغية القذافى وابتلى بالملاحقة أو السجن يعرف خبثه وخبث نظامه ومكره وكرهه للدين وأهله. ففى فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات , بدأ الطاغوت القذافى بخبث ومكر يزور بعض العلماء والوجهاء فى بيوتهم ممن لهم احترام وتقدير عند الناس ويجلس فى بيوتهم ويشترط عليهم شروطا ليهين هؤلاء المشايخ ويشوه صورتهم عند الناس وينفر الناس منهم ولعل الكثير شاهد بعض هذه الزيارات الخبيثة وكيف جلس على كرسى والمشائخ تحته وطلب خروج بعض النساء لمصافحته ليسئ سمعة العلماء ويزهد الناس فيهم , فبذلك يفصل بين العامة وعلمائهم لكى لايُستمع إليهم ويمرر خططه لهدم الدين.
لايمكن أن يخطط القذافى هذا كله وحده , فلابد أن يكون من هم وراءه للتفكير بهذه الدقة. فقد حاول القذافى أن يطبق خطته على الوالد فأرسل أحد أعوانه وهو محمود الهتكى -وقد ذكرت سابقا أنه من كتب تقريرا فى الوالد والذى كان سببا فى سجنه والحكم عليه بالاعدام- الى بيتنا وخرج أحد اخوتى للباب وأبلغه المبعوث أن القذافى موجود فى بيته-اى بيت الهتكى- فى الشارع الذى خلفنا ويريد الوالد أن يحضر , فصعد أخى وأبلغ الوالد فرفض الوالد مقابلة الهتكى والذهاب للقذافى. ثم أرسل احد أعوانه الآخر وكنت حاضرا وأحد اخوتى الكبار ونقل لنا تهديد القذافى ووعيده للوالد ان لم يحضر أوسيحضر القذافى لبيتنا , فغضب الوالد وقال لن أذهب وليفعل مايشاء , فصعدت للدور العلوى ورأيت الحرس فى الشارع وذهبت للوالد فى غرفته وقد كنت خائفا عليه لأن مبعوثه قال أن هذه المرة لن يدع القذافى الوالد وسينتقم منه, فرجوت الوالد أن يذهب لكي لايقتله فقال لى كلاما لاأنساه طيلة حياتى , قال رحمه الله:لن أذهب وليفعل ما يشاء , ووالله ياولدى لن يقدم ولن يؤخر فى عمرى يوما واحداً, فعجبت من ثباته وجلده والموت بين يديه ولم تستوعب سنى فى تلك الفترة كل المعنى ولكن علمت بعدها لماذا أحب الناس الوالد ولماذا هابه الطواغيت!
هذا موقف من مواقف عديدة مع الطاغوت وزبانيته ولعل الله ييسر ذكر بعضها إن كان فى العمر بقية.
كتبه إبنه المشتاق عبدالسلام مصطفى التريكى
يوم السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
ياشيخ عبدالسلام بعد ما قرائت ماكتبته عن ولدك رحمة الله الشيخ العالم الجليل علمت بانك لا تعرف ولدك للاسف
ردحذفعرفنى به بارك الله فيك!!!
ردحذف